responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 325
وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: إِنَّهُ يَعُمُّ بِدَلِيلِ مَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حُكْمِي عَلَى الْوَاحِدِ كَحُكْمِي عَلَى الْجَمَاعَةِ"[1]، وما روى عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا قَوْلِي لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ كَقَوْلِي لِمِائَةِ امْرَأَةٍ" [2]، وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ وَلَا يَخْفَاكَ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِهَذَا خَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ، فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ إِذَا دَلَّ دَلِيلٌ مِنْ خَارِجٍ عَلَى أَنَّ حُكْمَ غَيْرِ ذَلِكَ الْمُخَاطَبِ كَحُكْمِهِ، كَانَ لَهُ حُكْمُهُ بِذَلِكَ الدَّلِيلِ، وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي نَفْسِ تِلْكَ الصِّيغَةِ الْخَاصَّةِ، هَلْ تَعُمُّ بِمُجَرَّدِهَا أَمْ لَا؟
فَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا تَعُمُّهَا بِلَفْظِهَا فَقَدْ جَاءَ بِمَا لَا تُفِيدُهُ لُغَةُ الْعَرَبِ، وَلَا تَقْتَضِيهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: هُوَ عَامٌّ بِالشَّرْعِ لَا "بِوَضْعِ اللُّغَةِ"* لِلْقَطْعِ بِاخْتِصَاصِهِ بِهِ لُغَةً.
قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْجُوَيْنِيُّ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ؛ إِذْ لَا شَكَّ أَنَّ الْخِطَابَ خَاصٌّ لُغَةً بِذَلِكَ الْوَاحِدِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ عَامٌّ بِحَسَبِ الْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ، وَقِيلَ: بَلِ الْخِلَافُ مَعْنَوِيٌّ لَا لَفْظِيٌّ، لِأَنَّا نَقُولُ: الأصل ما هو؟ هل هو مورد الشرعي أَوْ مُقْتَضَى اللُّغَةِ؟
قَالَ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْخِطَابَ عَامٌّ فِي الْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْحَقُّ أَنَّ التَّعْمِيمَ منتفٍ لُغَةً ثابت شرعًا، والخلاف في أن للعادة هل تقتضي بِالِاشْتِرَاكِ بِحَيْثُ يَتَبَادَرُ فَهْمُ أَهْلِ الْعَرَبِ إِلَيْهَا أولًا، فَأَصْحَابُنَا -يَعْنِي الشَّافِعِيَّةَ- يَقُولُونَ: لَا قَضَاءَ لِلْعَادَةِ في ذلك، كما لا قضاء للغة والخصم يقول إنها تقتضي بِذَلِكَ. انْتَهَى.
وَالْحَاصِلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْحَقُّ. وَيُوجِبُهُ الْإِنْصَافُ عَدَمُ التَّنَاوُلِ لِغَيْرِ الْمُخَاطَبِ مِنْ حَيْثُ الصِّيغَةِ، بَلْ بِالدَّلِيلِ الْخَارِجِيِّ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ الاستدلال بأقضيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَاصَّةِ بِالْوَاحِدِ، أَوِ الْجَمَاعَةِ الْمَخْصُوصَةِ عَلَى ثُبُوتِ مِثْلِ ذَلِكَ لِسَائِرِ الْأُمَّةِ فَكَانَ هَذَا مَعَ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى عُمُومِ الرِّسَالَةِ، وَعَلَى اسْتِوَاءِ أَقْدَامِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مُفِيدًا لِإِلْحَاقِ غَيْرِ ذَلِكَ الْمُخَاطَبِ بِهِ فِي ذلك الحكم عند الإطلاق "إلا"** إلى أَنْ يَقُومَ الدَّلِيلُ الدَّالُّ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِذَلِكَ.
فَعَرَفْتَ بِهَذَا أَنَّ الرَّاجِحَ التَّعْمِيمُ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلُ التَّخْصِيصِ، لَا كَمَا قِيلَ: إِنَّ الرَّاجِحَ التَّخْصِيصُ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلُ التَّعْمِيمِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قام كما ذكرناه.

* في "أ": بالوضعي للقطع.
** في "أ": إلى.

[1] ذكره في كشف الخفاء قال: ليس له أصل بهذا اللفظ كما قال العراقي في تخريج أحاديث البيضاوي. ا. هـ. كشف الخفاء "1/ 364".
[2] أخرجه الترمذي من حديث أميمة بنت رقيقة في السير باب ما جاء في بيعة النساء "1597" وقال: حسن صحيح. والنسائي في البيعة، باب بيعة النساء "4192" "7/ 149". ومالك في الموطأ كتاب البيعة باب ما جاء في البيعة "2/ 982". والإمام أحمد في المسند "6/ 357". والحميدي في مسنده "341".
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 325
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست