responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 322
المسألة الرابعة عشرة: "الْخِطَابِ الشَّفَاهِيِّ"
الْخِطَابُ الْوَارِدُ شَفَاهًا فِي عَصْرِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ: {يَا أَيُّهَا النَّاس} [1] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [2]، وَيُسَمَّى خِطَابَ الْمُوَاجَهَةِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لا خلاف في شموله من بَعْدَهُمْ مِنَ الْمَعْدُومِينَ حَالَ صُدُورِهِ، لَكِنْ هَلْ بِاللَّفْظِ أَوْ بِدَلِيلٍ آخَرَ مِنْ إِجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ.
فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ يَشْمَلُهُمْ بِاللَّفْظِ، وَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَشْمَلُهُمْ بِاللَّفْظِ لِمَا عُرِفَ بِالضَّرُورَةِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّ كُلَّ حُكْمٍ تَعَلَّقَ بِأَهْلِ زمانه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ شَامِلٌ لِجَمِيعِ الْأُمَّةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [3]، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً" [4]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا} [5] منهم إِلَى قَوْلِهِ: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِم} [6]، قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي "شَرْحِ الْعُنْوَانِ": الْخِلَافُ فِي أَنَّ خِطَابَ الْمُشَافَهَةِ هَلْ يَشْمَلُ غَيْرَ الْمُخَاطَبِينَ قَلِيلُ الْفَائِدَةِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ خِلَافٌ عِنْدَ التَّحْقِيقِ لِأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُنْظَرَ إِلَى مَدْلُولِ اللَّفْظِ لُغَةً، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَ الْمُخَاطَبِينَ، وَإِمَّا أن يقال إن المحكم يُقْصَرُ عَلَى الْمُخَاطَبِينَ إِلَّا أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى الْعُمُومِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ بِعَيْنِهَا، وَهَذَا بَاطِلٌ لِمَا عُلِمَ قَطْعًا مِنَ الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْأَحْكَامَ عَامَّةٌ إِلَّا حَيْثُ يَرِدُ التَّخْصِيصُ. انْتَهَى.
وبالجملة فلا فائدة لنقل ما احتج بها الْمُخْتَلِفُونَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّا نَقْطَعُ بِأَنَّ الْخِطَابَ الشَّفَاهِيَّ إِنَّمَا يَتَوَجَّهُ إِلَى الْمَوْجُودِينَ "بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ لَا إِلَى الْمَعْدُومِينَ، وَنَقْطَعُ بِأَنَّ غَيْرَ الْمَوْجُودِينَ"* وَإِنْ لَمْ يَتَنَاوَلْهُمُ الْخِطَابُ، فَلَهُمْ حُكْمُ الْمَوْجُودِينَ فِي التَّكْلِيفِ بِتِلْكَ الْأَحْكَامِ، حَيْثُ كَانَ الْخِطَابُ مُطْلَقًا، وَلَمْ يَرِدْ مَا يَدُلُّ عَلَى تخصيصهم بالموجودين.

* ما بين قوسين ساقط من "أ".

[1] جزء من الآية "21" من سورة البقرة.
[2] جزء من الآية "153" من سورة البقرة وفي غيرها كثير.
[3] جزء من الآية "19" من سورة الأنعام.
[4] أخرج مسلم نحوه من حديث جابر، كتاب المساجد "521". والبخاري في التيمم، باب التيمم "335". والنسائي في الغسل، باب التيمم بالصعيد "1/ 210" "430". والبيهقي في السنن، كتاب الطهارة، باب التيمم بالصعيد الطيب "1/ 212". وابن حبان في صحيحه "6398".
[5] جزء من الآية "2" من سورة الجمعة.
[6] جزء من الآية "3" من سورة الجمعة.
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 322
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست