responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 319
وَلَا يَخْفَاكَ أَنَّ دَعْوَى اخْتِصَاصِ مَنْ بِالذُّكُورِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُنْسَبَ "إِلَى مَنْ يَعْرِفُ لُغَةَ الْعَرَبِ، بَلْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُنْسَبَ"* إِلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى فَهْمٍ.
الرَّابِعُ: مَا يُسْتَعْمَلُ بِعَلَامَةِ التَّأْنِيثِ فِي الْمُؤَنَّثِ، وَبِحَذْفِهَا فِي الْمُذَكَّرِ، وَذَلِكَ الْجَمْعُ السَّالِمُ نَحْوَ مُسْلِمِينَ لِلذُّكُورِ وَمُسْلِمَاتٍ لِلْإِنَاثِ، وَنَحْوَ فَعَلُوا وَفَعَلْنَ، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ النِّسَاءُ فِيمَا هُوَ لِلذُّكُورِ إِلَّا بِدَلِيلٍ كَمَا لَا يَدْخُلُ الرِّجَالُ فيما هو النساء إِلَّا بِدَلِيلٍ.
قَالَ الْقَفَّالُ: وَأَصْلُ هَذَا أَنَّ الْأَسْمَاءَ وُضِعَتْ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْمُسَمَّى فَحَصَلَ كُلُّ نَوْعٍ بِمَا يُمَيِّزُهُ فَالْأَلِفُ وَالتَّاءُ جُعِلَتَا عَلَمًا لِجَمْعِ الْإِنَاثِ، وَالْوَاوُ وَالْيَاءُ وَالنُّونُ لِجَمْعِ الذُّكُورِ وَالْمُؤْمِنَاتُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَاتَلُوا خِلَافُ قَاتَلْنَ، ثُمَّ قَدْ تَقُومُ قَرَائِنُ تَقْتَضِي اسْتِوَاءَهُمَا فَيُعْلَمُ بِذَلِكَ دُخُولُ الْإِنَاثِ فِي الذُّكُورِ، وَقَدْ لَا تَقُومُ قَرَائِنُ فَيُلْحَقْنَ بِالذُّكُورِ بِالِاعْتِبَارِ وَالدَّلَائِلِ، كَمَا يُلْحَقُ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ بِالْمَذْكُورِ بِدَلِيلٍ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى هَذَا إِجْمَاعُ أَهْلِ اللُّغَةِ عَلَى أَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ غُلِّبَ الْمُذَكَّرُ، فَلَوْلَا أَنَّ التَّسْمِيَةَ لِلْمُذَكَّرِ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْغَالِبَ، وَلَمْ يَكُنْ حَظُّهُ فِيهَا كَحَظِّ الْمُؤَنَّثِ، وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُمَا إِذَا اجْتَمَعَا "اسْتَقَلَّ"** إِفْرَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِوَصْفٍ فَغُلِّبَ الْمُذَكَّرُ وَجُعِلَ الْحُكْمُ لَهُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ تَوَابِعُ. انْتَهَى.
قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو الْمَنْصُورِ وَسُلَيْمٌ الرَّازِيُّ: وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ، وَإِلْكِيَا الْهَرَّاسُ، وَنَصَرَهُ ابْنُ بُرْهَانٍ وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ، وَنَقَلَهُ عَنْ مُعْظَمِ الْفُقَهَاءِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْقُشَيْرِيِّ عَنْ مُعْظَمِ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَذَهَبَتِ الْحَنَفِيَّةُ كَمَا حَكَاهُ عَنْهُمْ سُلَيْمٌ الرَّازِيُّ وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ وَابْنُ السَّاعَاتِيِّ إِلَى أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ، وَحَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَحَكَاهُ الْبَاجِيُّ عَنِ ابْنِ خوازمنداد وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنِ الْحَنَابِلَةِ وَالظَّاهِرِيَّةِ.
وَالْحَقُّ: مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ عَدَمِ التَّنَاوُلِ إِلَّا عَلَى طَرِيقَةِ التَّغْلِيبِ عِنْدَ قِيَامِ الْمُقْتَضِي لِذَلِكَ لِاخْتِصَاصِ الصِّيغَةِ لُغَةً وَوُقُوعِ التَّصْرِيحِ بِمَا يَخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ مَعَ مَا يَخْتَصُّ بِالرِّجَالِ فِي نَحْوِ {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات} [1]، وَقَدْ ثَبَتَ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ النِّسَاءَ قُلْنَ: مَا نَرَى اللَّهَ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ إِلَّا الرِّجَالَ ... فَنَزَلَتْ[2].

* ما بين قوسين ساقط من "أ".
** في "أ": استثقل.

[1] جزء من الآية "35" من سورة الأحزاب.
[2] أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث أم سلمة "6/ 301، 305". والنسائي في الكبرى "11404". انظر تحفة الأشراف للمزي "13/ 1819"، وابن جرير الطبري في تفسيره "12/ 10".
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 319
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست