responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 300
لَا مُفِيدَةٌ لِلْعُمُومِ، وَسَوَاءٌ دَخَلَ حَرْفُ النَّفْيِ عَلَى فِعْلٍ نَحْوَ: مَا رَأَيْتُ رَجُلًا، أَوْ عَلَى الِاسْمِ نَحْوَ: لَا رَجُلَ فِي الدَّارِ، وَنَحْوَ مَا أَحَدٌ قَائِمًا وَمَا قَامَ أَحَدٌ.
وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي "الْإِفَادَةِ": قَدْ فَرَّقَ أَهْلُ اللُّغَةِ بَيْنَ النَّفْيِ فِي قَوْلِهِ: مَا جَاءَنِي أَحَدٌ، وَمَا جَاءَنِي مِنْ أَحَدٍ، وَبَيْنَ دُخُولِهِ عَلَى النَّكِرَةِ مِنْ أَسْمَاءِ الْجِنْسِ، فيما جَاءَنِي رَجُلٌ، وَمَا جَاءَنِي مِنْ رَجُلٍ، فَرَأَوْا تَسَاوِيَ اللَّفْظَيْنِ فِي الْأَوَّلِ، وَأَنَّ مِنْ زَائِدَةٌ فِيهِ، وَافْتِرَاقُ الْمَعْنَى فِي الثَّانِي؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: مَا جَاءَنِي رَجُلٌ يَصْلُحُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْكُلُّ، وَأَنْ يُرَادَ بِهِ رَجُلٌ وَاحِدٌ، فَإِذَا دَخَلَتْ مِنْ أَخْلَصَتِ النَّفْيَ لِلِاسْتِغْرَاقِ.
وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْجُوَيْنِيُّ: هِيَ لِلْعُمُومِ ظَاهِرًا عِنْدَ تَقْدِيرِ مِنْ، فَإِنْ دَخَلَتْ مِنْ كَانَتْ نَصًّا، وَالْمَشْهُورُ فِي عِلْمِ النَّحْوِ الْخِلَافُ بَيْنَ سِيبَوَيْهِ وَالْمُبَرِّدِ، فَسِيبَوَيْهِ قَالَ: إِنَّ الْعُمُومَ مُسْتَفَادٌ مِنَ النَّفْيِ قَبْلَ دُخُولِ مِنْ، وَالْمُبَرِّدُ قَالَ: أَنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ لَفْظِ مِنْ؛ وَالْحَقُّ مَا قَالَهُ سِيبَوَيْهِ، وَكَوْنُ مِنْ تُفِيدُ النُّصُوصِيَّةَ بِدُخُولِهَا، لَا يُنَافِي الظُّهُورَ الْكَائِنَ قَبْلَ دُخُولِهَا.
قَالَ أَبُو حَيَّانَ[1]: مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ أَنَّ مَا جَاءَنِي مِنْ أَحَدٍ، وَمَا جَاءَنِي مِنْ رَجُلٍ؛ مِنْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لِتَأْكِيدِ اسْتِغْرَاقِ الْجِنْسِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. انْتَهَى.
وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ قَبْلَ دُخُولِ مِنْ لَمَّا كَانَ نَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّة} [2] و {لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [3] مُقْتَضِيًا لِلْعُمُومِ، وَقَدْ فَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ حُرُوفِ النَّفْيِ الدَّاخِلَةِ عَلَى النَّكِرَةِ بِفَرْقٍ لَا طَائِلَ تَحْتَهُ فَلَا نُطَوِّلُ بِذِكْرِهِ.
وَاعْلَمْ: أَنَّ حُكْمَ النَّكِرَةِ الْوَاقِعَةِ فِي سِيَاقِ النَّهْيِ حُكْمُ النَّكِرَةِ الْوَاقِعَةِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، وَمَا خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ مِنَ الصُّوَرِ فَهُوَ لِنَقْلِ الْعُرْفِ لَهُ عَنِ الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ.
الْفَرْعُ السَّادِسُ:
لَفْظُ مَعْشَرُ وَمَعَاشِرُ وَعَامَّةُ، وَكَافَّةُ وَقَاطِبَةً، وَسَائِرُ مِنْ صِيَغِ العموم في مثل قوله تعالى:

[1] هو محمد بن يوسف بن علي، الغرناطي، الأندلسي، أثير الدين، أبو حيان، من كبار العلماء بالعربية والتفسير والحديث والتراجم واللغات، ولد سنة أربع وخمسين وستمائة هـ، وتوفي سنة خمس وأربعين وسبعمائة هـ في القاهرة، بعد أن كف بصره، من آثاره: "البحر المحيط - طبقات نحاة الأندلس". ا. هـ. شذرات الذهب "6/ 145" إيضاح المكنون "1/ 24". ذيل تذكرة الحفاظ "23" معجم المؤلفين "12/ 130".
[2] جزء من الآية "3" من سورة سبأ.
[3] جزء من الآية "48" من سورة البقرة.
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 300
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست