responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 281
فِعْلٍ، "فَامْتَنَعَ"* النَّهْيُ عَنْهُ لِخُلُوِّهِ عَنِ الْحِكْمَةِ. وَإِنْ كَانَتْ حِكْمَةُ النَّهْيِ مَرْجُوحَةً فَأَوْلَى؛ لِفَوَاتِ الزَّائِدِ مِنْ مَصْلَحَةِ الصِّحَّةِ، وَهِيَ مَصْلَحَةٌ خَالِصَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ رَاجِحَةً امْتَنَعَتِ الصِّحَّةُ، لِخُلُوِّهِ عَنِ المصلحة أيضًا، بل لفوت قَدْرِ الرُّجْحَانِ مِنْ مَصْلَحَةِ النَّهْيِ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى عَدَمِ اقْتِضَائِهِ لِلْفَسَادِ لُغَةً، بِأَنَّ فَسَادَ الشَّيْءِ عِبَارَةٌ عَنْ سَلْبِ أَحْكَامِهِ، وَلَيْسَ فِي لَفْظِ النَّهْيِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لُغَةً قَطْعًا.
وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ يَقْتَضِيهِ لُغَةً كَمَا يَقْتَضِيهِ شرعا، بِأَنَّ الْعُلَمَاءَ لَمْ يَزَالُوا يَسْتَدِلُّونَ بِهِ عَلَى الْفَسَادِ.
وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُمْ إِنَّمَا اسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى الْفَسَادِ لِدَلَالَةِ الشَّرْعِ عَلَيْهِ، لَا لِدَلَالَةِ اللُّغَةِ.
واستدلوا ثَانِيًا: بِأَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي الصِّحَّةَ لِمَا تَقَدَّمَ[1]، وَالنَّهْيُ نَقِيضُهُ، وَالنَّقِيضَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ فَيَكُونُ النَّهْيُ مقتضيًا لِلْفَسَادِ.
وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي الصِّحَّةَ شرعا، لَا لُغَةً فَاقْتِضَاءُ الْأَمْرِ لِلصِّحَّةِ لُغَةً مَمْنُوعٌ، كَمَا أَنَّ اقْتِضَاءَ النَّهْيِ لِلْفَسَادِ لُغَةً مَمْنُوعٌ.
واستدال الْقَائِلُونَ: بِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ إِلَّا فِي الْعِبَادَاتِ دُونَ الْمُعَامَلَاتِ: بِأَنَّ الْعِبَادَاتِ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا لو صَحَّتْ لَكَانَتْ مَأْمُورًا بِهَا نَدْبًا؛ لِعُمُومِ أَدِلَّةِ مَشْرُوعِيَّةِ الْعِبَادَاتِ فَيَجْتَمِعُ النَّقِيضَانِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ لِطَلَبِ الفعل والنهي لطلب التَّرْكِ وَهُوَ مُحَالٌ.
وَأَمَّا عَدَمُ اقْتِضَائِهِ لِلْفَسَادِ فِي غَيْرِ الْعِبَادَاتِ فَلِأَنَّهُ لَوِ اقْتَضَاهُ فِي غيرها لكان غُسْلُ النَّجَاسَةِ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ، وَالذَّبْحُ بِسِكِّينٍ مَغْصُوبَةٍ، وَطَلَاقُ الْبِدْعَةِ، وَالْبَيْعُ فِي وَقْتِ النِّدَاءِ، وَالْوَطْءُ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ غَيْرَ مُسْتَتْبَعَةٍ لِآثَارِهَا مِنْ زوال النجاسة، وَحِلِّ الذَّبِيحَةِ، وَأَحْكَامِ الطَّلَاقِ، وَالْمِلْكِ، وَأَحْكَامِ الْوَطْءِ، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ، فَالْمَلْزُومُ مِثْلُهُ.
وَأُجِيبَ: بِمَنْعِ كَوْنِ النَّهْيِ فِي الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ لِذَاتِ الشَّيْءِ أَوْ لجزئه، بل لأمر خارج، ولو سُلِّمَ لَكَانَ عَدَمُ اقْتِضَائِهَا لِلْفَسَادِ لِدَلِيلٍ خَارِجِيٍّ، فلا يرد النقض بِهَا.
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَفِيَّةِ، وَالْمُعْتَزِلَةِ: إِلَى أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ لَا لُغَةً وَلَا شَرْعًا، لَا فِي الْعِبَادَاتِ وَلَا فِي الْمُعَامَلَاتِ، قَالُوا: لِأَنَّهُ لَوْ دَلَّ عَلَى الْفَسَادِ لغة أو شَرْعًا، لَنَاقَضَ التَّصْرِيحَ بِالصِّحَّةِ لُغَةً أَوْ شرعا وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ أَمَّا الْمُلَازَمَةُ فَظَاهِرَةٌ، وَأَمَّا بُطْلَانُ اللازم: فلأن

* في "أ": وامتنع.

[1] انظر صفحة: "269".
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 281
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست