responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 265
استدل القائلون بأن الأمر بالشيء نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ: بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنِ الأمر بالشيء نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ، لَكَانَ إِمَّا مِثْلَهُ أَوْ ضده أو خلافه، واللازم باطل بأقسامه، أَمَّا الْمُلَازَمَةُ فَلِأَنَّ كُلَّ مُتَغَايِرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي صِفَاتِ النَّفْسِ، أَوْ لَا، وَالْمَعْنَى بِصِفَاتِ النَّفْسِ: مَا لَا يَحْتَاجُ الْوَصْفُ بِهِ إِلَى تَعَقُّلِ أَمْرٍ زَائِدٍ عَلَيْهِ كَالْإِنْسَانِيَّةِ لِلْإِنْسَانِ، وَالْحَقِيقَةِ وَالْوُجُودِ بِخِلَافِ الْحُدُوثِ، وَالتَّحَيُّزِ فَإِنْ تُسَاوِيَا فِيهَا فَهُمَا مِثْلَانِ كَسَوَادَيْنِ، أَوْ بَيَاضَيْنِ وَإِلَّا فإما أن يتنافيا بأنفسهما، أي يَمْتَنِعَ اجْتِمَاعُهُمَا فِي مَحَلٍّ، وَاحِدٍ بِالنَّظَرِ إِلَى ذَاتَيْهِمَا أَوْ لَا، فَإِنْ تَنَافَيَا بِأَنْفُسِهِمَا فَضِدَّانِ كَالسَّوَادِ وَالْبَيَاضِ، وَإِلَّا فَخِلَافَانِ كَالسَّوَادِ وَالْحَلَاوَةِ.
وَأَمَّا انْتِفَاءُ اللَّازِمِ بِأَقْسَامِهِ، فَلِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا ضِدَّيْنِ أو مِثْلَيْنِ لَمْ يَجْتَمِعَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَهُمَا يَجْتَمِعَانِ إِذْ جَوَازُ الْأَمْرِ بِالشَّيْءِ وَالنَّهْيُ عَنْ ضِدِّهِ مَعًا وَوُقُوعُهُ ضَرُورِيٌّ، وَلَوْ كَانَا خِلَافَيْنِ لَجَازَ اجْتِمَاعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ ضِدِّ الْآخَرِ، وَمَعَ خِلَافِهِ لِأَنَّ الْخِلَافَيْنِ حُكْمُهُمَا كَذَلِكَ كَمَا يَجْتَمِعُ السَّوَادُ وَهُوَ خِلَافُ الْحَلَاوَةِ مَعَ الْحُمُوضَةِ وَمَعَ الرَّائِحَةِ، فَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يَجْتَمِعَ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ مَعَ ضِدِّ النَّهْيِ عَنْ ضِدِّهِ، وَهُوَ الْأَمْرُ بِضِدِّهِ، وَذَلِكَ مُحَالٌ لِأَنَّهُ يَكُونُ الأمر "بالشيء"* حينئذ طَلَبَ ذَلِكَ الشَّيْءِ فِي وَقْتٍ طُلِبَ فِيهِ عدمه.
وَأُجِيبَ: بِمَنْعِ كَوْنِ لَازِمِ كُلِّ خِلَافَيْنِ ذَلِكَ، أَيْ جَوَازِ اجْتِمَاعِ كُلٍّ مَعَ ضِدِّ الْآخَرِ، لجواز تلازمهما "على ما هو التحقيق من عَدَمِ اشْتِرَاطِ"** جَوَازِ الِانْفِكَاكِ فِي الْمُتَغَايِرَيْنِ كَالْجَوْهَرِ[1] مَعَ الْعَرَضِ وَالْعِلَّةِ مَعَ الْمَعْلُولِ فَلَا يُجَامِعُ أحد الخلافين على تقدير تلازمهما الضد للآخر، وَحِينَئِذٍ فَالنَّهْيُ إِذَا ادَّعَى كَوْنَ الْأَمْرِ إِيَّاهُ إذا كان طلب ترك ضد المأمور به: اخترنا كونهما خلافين، ولا يَجِبُ اجْتِمَاعُ النَّهْيِ اللَّازِمِ مِنَ الْأَمْرِ مَعَ ضِدِّ طَلَبِ الْمَأْمُورِ بِهِ كَمَا زَعَمُوا كَالْأَمْرِ بالصلاة والنهي عن الأكل فإنهما خلافان، ولا يلزم من كونهما خِلَافَيْنِ اجْتِمَاعُ الصَّلَاةِ الْمَأْمُورِ بِهَا مَعَ إِبَاحَةِ الْأَكْلِ "الَّتِي هِيَ"*** ضِدُّ النَّهْيِ عَنِ الْأَكْلِ.
وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا: بِأَنَّ فِعْلَ السُّكُونِ عَيْنُ تُرْك الحركة، وطلب فعل السكون طلب لترك الحركة، وطلب تركها هي النهي.

* ما بين قوسين ساقط من "أ".
** في "أ": لجواز تلازمهما الضد للآخر وحينئذ فالنهي جواز ... إلخ وهو خطأ. ولعل الصواب لجواز تلازمهما المبني على ما هو التحقيق من عدم اشتراط جواز ... إلخ.
*** في "أ": الذي هو.

[1] هو حقيقة الموجود ومقوماته، ويقابله العرض. ا. هـ. الصحاح مادة جهر.
2 وهو الموجود الذي يحتاج في وجوده إلى موضع، أي: محل يقوم به كاللون المحتاج في وجوده إلى جسم يحله ويقوم به. ا. هـ. التعريفات "192".
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 265
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست