responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 257
وَاعْتُرِضَ عَلَى هَذَا بِأَنَّهُ إِنَّمَا يَقْتَضِي انْتِفَاءَ دَلَالَةِ الْمَادَّةِ عَلَى الْمَرَّةِ وَالتَّكْرَارِ، وَالْكَلَامُ فِي الصِّيغَةِ هَلْ هِيَ تَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُمَا أَمْ لَا؟ وَاحْتِمَالُ الصِّيغَةِ لَهُمَا لَا يَمْنَعُ ظُهُورَ أَحَدِهِمَا، وَالْمُدَّعِي إِنَّمَا هُوَ لِلدَّلَالَةِ ظَاهِرًا لا نصًّا.
"وَاحْتَجَّ"* الْقَائِلُونَ بِالتَّكْرَارِ: أَنَّهُ تَكَرَّرَ الْمَطْلُوبُ فِي النهي فَعَمَّ الْأَزْمَانَ فَوَجَبَ التَّكْرَارُ فِي الْأَمْرِ لِأَنَّهُمَا طَلَبٌ.
وَأُجِيبَ: بِأَنَّ هَذَا قِيَاسٌ فِي اللُّغَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ بُطْلَانُهُ.
وَأُجِيبَ أَيْضًا: بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا لأن النهي لطلب التَّرْكِ وَلَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا بِالتَّرْكِ، فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ وَالْأَمْرُ لِطَلَبِ الْإِتْيَانِ بِالْفِعْلِ وَهُوَ يَتَحَقَّقُ بوجوده مرة.
وَاعْتُرِضَ عَلَى هَذَا: بِأَنَّهُ مُصَادَرَةٌ عَلَى الْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّ كَوْنَ إِثْبَاتِهِ يَحْصُلُ بِمَرَّةٍ هُوَ عَيْنُ النزاع إذ المخالف يَقُولَ هُوَ لِلتَّكْرَارِ لَا لِلْمَرَّةِ.
وَأُجِيبَ عَنْ أَصْلِ التَّكْرَارِ: بِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الْمَنْعُ مِنْ فِعْلِ غَيْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَغْرِقُ جَمِيعَ الْأَوْقَاتِ وَمِنْ ضَرُورِيَّاتِ الْبَشَرِ أَنَّهُ يَشْغَلُهُ شَأْنٌ عَنْ شَأْنٍ آخَرَ، فَيَتَعَطَّلُ عَمَّا سِوَاهُ مِمَّا هُوَ مَأْمُورٌ بِهِ وَعَنْ مَصَالِحِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ بِخِلَافِ النَّهْيِ فَإِنَّ دَوَامَ التَّرْكِ لَا يَشْغَلُهُ عَنْ شيء من الأفعال، وَاعْتُرِضَ عَلَى هَذَا بِأَنَّ النِّزَاعَ إِنَّمَا هُوَ فِي مَدْلُولِ الصِّيغَةِ هَلْ تَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ أَمْ لَا؟ وَإِرَادَةُ الْمُتَكَلِّمِ التَّكْرَارَ لَا تَسْتَلْزِمُ كَوْنَ التَّكْرَارِ مَدْلُولًا لِلصِّيغَةِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ دَالًّا عَلَى التَّكْرَارِ لَكِنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ إِرَادَتُهُ.
وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِالتَّكْرَارِ أَيْضًا بأن الأمر نَهْيٌ عَنْ أَضْدَادِهِ، وَهِيَ كُلُّ مَا لَا يَجْتَمِعُ مَعَ الْمَأْمُورِ بِهِ وَمِنْهَا تَرْكُهُ، وَهُوَ أَيِ النَّهْيُ يَمْنَعُ مِنَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ دَائِمًا فيتكرر الأمر في المأمور به إذ لو لم يتكرر وَاكْتُفِيَ بِفِعْلِهِ مَرَّةً فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ أَضْدَادِهِ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ.
وَأُجِيبَ: بأن تكرر النهي الذي تضمنه الأمر فرع تَكَرُّرِ الْأَمْرُ فَإِثْبَاتُ تَكَرُّرِ الْأَمْرِ بِتَكَرُّرِ النَّهْيِ دَوْرٌ لِتَوَقُّفِ كُلٍّ مِنَ التَّكْرَارَيْنِ عَلَى الْآخَرِ.
وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ: بِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ إِذَا كَانَ معلقًا على شرط أو صفة، بأنه قد تَكَرَّرَ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [1].
وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الشَّرْطَ هُنَا عِلَّةٌ، فَيَتَكَرَّرُ الْمَأْمُورُ بِهِ بِتَكَرُّرِهَا اتِّفَاقًا، ضَرُورَةُ تَكَرُّرِ الْمَعْلُولِ بِتَكَرُّرِ علته، والنزاع إنما هو في دلالة الصيغة مجردة.

* في "أ": احتج.

[1] جزء من الآية "6" من سورة المائدة.
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 257
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست