responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 19
وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْأَنْظَارُ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا كَثِيرًا، حَتَّى قَالَ جَمَاعَةٌ "مِنْهُمُ"* الرَّازِيُّ[1]: بِأَنَّ مُطْلَقَ الْعِلْمِ ضَرُورِيٌّ، فَيَتَعَذَّرُ تَعْرِيفُهُ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الدَّلَالَةِ، وَيَكْفِي فِي دَفْعِ مَا قَالُوهُ مَا هُوَ مَعْلُومٌ بِالْوُجْدَانِ لِكُلِّ عَاقِلٍ، أَنَّ الْعِلْمَ يَنْقَسِمُ إِلَى ضَرُورِيٍّ[2]، وَمُكْتَسَبٍ[3].
وَقَالَ قَوْمٌ مِنْهُمُ الْجُوَيْنِيُّ4:
إِنَّهُ نَظَرِيٌّ، وَلَكِنَّهُ يَعْسُرُ تَحْدِيدُهُ[5]، وَلَا طَرِيقَ إِلَى مَعْرِفَتِهِ إِلَّا الْقِسْمَةَ وَالْمِثَالَ، فَيُقَالُ مَثَلًا: الِاعْتِقَادُ إِمَّا جَازِمٌ، أَوْ غَيْرُ جَازِمٍ، وَالْجَازِمُ إِمَّا مُطَابِقٌ أَوْ غَيْرُ مُطَابِقٍ، وَالْمُطَابِقُ إِمَّا ثَابِتٌ، أَوْ غَيْرُ ثَابِتٍ فَخَرَجَ مِنْ هَذِهِ الْقِسْمَةِ اعْتِقَادٌ جَازِمٌ مُطَابِقٌ ثَابِتٌ وَهُوَ الْعِلْمُ.
وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا بأن القسمة والمثال إن أفاد تَمْيِيزًا لِمَاهِيَّةِ الْعِلْمِ عَمَّا عَدَاهَا، صَلُحَا لِلتَّعْرِيفِ لَهَا فَلَا يَعْسُرُ، وَإِنْ لَمْ يُفِيدَا تَمْيِيزًا لَمْ يَصْلُحْ بِهِمَا مَعْرِفَةُ مَاهِيَّةِ الْعِلْمِ.
وَقَالَ الْجُمْهُورُ: إِنَّهُ نَظَرِيٌّ، "لَا"** يَعْسُرُ تَحْدِيدُهُ، ثُمَّ ذَكَرُوا لَهُ حُدُودًا.
فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ اعْتِقَادُ الشَّيْءِ عَلَى مَا هُوَ بِهِ عَنْ ضَرُورَةٍ أَوْ دَلِيلٍ.
وَفِيهِ: أَنَّ الِاعْتِقَادَ الْمَذْكُورَ يَعُمُّ الْجَازِمَ وَغَيْرَ الْجَازِمِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ تَقْيِيدِهِ بِالْجَازِمِ يَخْرُجُ عَنْهُ الْعِلْمُ بِالْمُسْتَحِيلِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ اتِّفَاقًا.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ مَعْرِفَةُ الْمَعْلُومِ عَلَى مَا هُوَ بِهِ
وَفِيهِ: أَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ عِلْمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ إذ لا يسمى معرفة.

* في "أ": منها.
** في "أ": فلا.

[1] هو محمد بن عمر بن الحسين، التيمي، البكري، الطبرستاني، الرازي، الشافعي، المعروف بالفخر الرازي، وبابن خطيب الري، أبو عبد الله، مفسر، متكلم، فقيه، أصولي، شاعر، أديب، طبيب، مشارك في كثير من العلوم، ولد سنة أربع وأربعين وخمسمائة هـ، وتوفي بهراة، سنة ست وستمائة هـ، ومن آثاره "مفتاح الغيب" و"المحصول" و"شرح الوجيز للغزالي" في فروع الشافعي. ا. هـ سير أعلام النبلاء "21/ 500" شذرات الذهب "5/ 21" معجم المؤلفين "11/ 79".
[2] ما لا يحتاج فيه إلى تقديم مقدمة كالعلم بثبوت الصانع، وحدوث الأعراض. ا. هـ التعريفات "200".
[3] والاكتسابي: هو الذي يحصل بمباشرة الأسباب. ا. هـ التعريفات "200".
4 هو عبد الملك بن عبد الله بن يوسف ضياء الدين، أبو المعالي، الجويني، الشافعي، الشهير بإمام الحرمين، ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة هـ، تفقه على والده، وتوفي في نيسابور سنة ثمان وسبعين وأربعمائة هـ، من آثاره: "الإرشاد في علم الكلام"، "البرهان في الأصول"، و"الرسالة النظامية". ا. هـ شذرات الذهب "3/ 358"، هدية العارفين "1/ 626"، سير أعلام النبلاء "18/ 468" الفوائد البهية "246".
[5] أي تعريفه؛ لأن الحد: هو القول الدال عى ماهية الشيء. ا. هـ التعريفات "112".
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 19
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست