اسم الکتاب : أدب المفتي والمستفتي المؤلف : ابن الصلاح الجزء : 1 صفحة : 70
وكانوا قرات[1] الأعين، لا تلم بهم على كثرتهم أعين الأسواء، فنعق بهم في أعصارنا ناعق الفناء، وتفانت بتفانيهم أندية ذاك[2] العلاء، على أن الأرض لا تخلوا من قائم بالحجة إلى أوان الانتهاء، رأيت أن أستخير الله تبارك "وتعالى"[3]، وأستعينه، وأستهديه، وأستوقفه، وأتبرأ من الحول والقوة إلا به في تأليف كتاب في الفتوى لائق بالوقت، أفصح فيه إن شاء الله العظيم[4] عن شروط المفتي، وأوصافه، وأحكامه، وعن صفة المستفتي وأحكامه، وعن كيفية الفتوى والاسفتاء وآدابهما جامعًا فيه شمل نفائس التقطتها من خبايا الروايا[5]، وخفايا الزوايا، ومهمات تقر بها أعين أعيان الفقهاء، ويرفع من قدرها من كثرت مطالعاته[6] من الفهماء[7]، ويبادر إلى تحصيلها كل من ارتفع عن "حضيض"[8] الضعفاء، مقدمًا في أوله بيان شرف مرتبة الفتوى، وخطرها، والتنبيه على آفاتها وعظيم[9] غررها، ليعلم المقصر عن شأوها، المتجاسر عليها أنه على النار يجرأ ويجسر، وليعرف متعاطيها المضيع شروطها أنه لنفسه يضيع ويخسر، وليتقاصر عنها القاصرون الذين إذا انتزوا[10] على منصب تدرس، أو اختلسوا[11] ذروا من تقديم وترئيس، وجانبوا جانب المحترس، ووثبوا على الفتيا وثبة المفترس. [1] كذا في النسخ، ولعل الأسلم: "قرة" لأنها مصدر. [2] في ف وج: "ذلك". [3] من ف وج وش. [4] في ف وج: "تعالى". [5] في هامش ج: "الروايا جمع رواية، وهو الكثير الرواية قاله رضي الله عنه"، ومثله في ش وجاء في آخره "المصنف" بدل "قاله رضي الله عنه", وانظر تاج العروس: 10/ 158 مادة "روى". [6] في ج: "مطالعاتها". [7] في ف: "الفقهاء". [8] من ف وج وش وفي الأصل: "تحضيض". [9] من ف: "وعظم". [10] نزا: أي وثب، انظر تاج العروس مادة "نزا". [11] في ف وج "واختلسوا".
اسم الکتاب : أدب المفتي والمستفتي المؤلف : ابن الصلاح الجزء : 1 صفحة : 70