اسم الکتاب : منهاج المحدثين في القرن الأول الهجري وحتى عصرنا الحاضر المؤلف : على عبد الباسط مزيد الجزء : 1 صفحة : 144
خطبة أبي بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والخلفاء هلم جرًّا إلى يومي هذا فما سمعت الكلام من فم مخلوق أفخم ولا أحسن منه في عائشة.
وقال موسى بن طلحة: ما رأيت أحدًا أفصح من عائشة[1]، وقال معاوية: والله ما رأيت خطيبًا قد أبلغ ولا أفصح من عائشة[2].
وقالت عائشة: قُبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلو نزل بالجبال الراسيات ما نزل بأبي لهاضَها[3]، اشرأَبَّ النفاق بالمدينة وارتدت العرب، فوالله ما اختلف المسلمون في لفظة إلا طار أبي بحظها وغنائها في الإسلام، ومن رأى ابن الخطاب علم أنه خُلق غناءً للإسلام، كان والله أحوذيًّا نسيج وحده قد أعد للأمور أقرانها.
ودخلت عائشة -رضي الله عنها- على أبيها أبي بكر الصديق في مرضه الذي مات فيه فقالت: يا أبتِ، اعْهَد إلى خاصتك، وأنفذ رأيك في سامتك[4]، وانقل من دار جهازك إلى دار مقامك، وإنك محضور، ومتصل بقلبي لوعتك، وأرى تخاذل أطرافك وانتفاع لونك وإليَّ تعزيتي عنك، ولديه ثواب حزني عليك، أرقأ فلا أرقى[5]، وأبل فلا أنقى، وأشكو فلا أشكى. فرفع رأسه وقال: يا بنية، هذا يوم يجلى فيه عن غطائي وأعاين جزائي، إن فَرَح فدائم، وإن تَرَح[6] فمقيم، إني اضطلعت بإمامة هؤلاء القوم حين كان النكوص إضاعة والحزم تفريطًا، فشهيدي الله ما كان هبلى إياه. تبلغت بصفحتهم وتعللت[7] بدَرَّة لقحتهم وأقمت صلاتي [1] سنن الترمذي "5/ 663" "50" كتاب المناقب "63" باب فضل عائشة رضي الله عنها حديث رقم "3884" وقال: حسن صحيح غريب، والمستدرك للحاكم "4/ 11" كتاب معرفة الصحابة. [2] المستدرك للحاكم والتذهيب للذهبي وأخرجه الترمذي وقال: حسن. كذا في هامش أعلام النساء لعمر رضا كحالة "3/ 112" مؤسسة الرسالة. [3] هاضها: أي كسرها وألانها. [4] السامة: الخاصة. يقال: السامة والعامة. [5] رَقَأ الدمع: سكن. [6] التَّرَح: ضد الفرح. [7] أي: تلهيت.
اسم الکتاب : منهاج المحدثين في القرن الأول الهجري وحتى عصرنا الحاضر المؤلف : على عبد الباسط مزيد الجزء : 1 صفحة : 144