اسم الکتاب : مدرسة الحديث في مصر المؤلف : محمد رشاد خليفة الجزء : 1 صفحة : 442
بما يطابق موضوعه، فأما أن يسمى الكتاب تخريجًا ثم يجد القارئ فيه أضعافًا مضاعفة ما زاد على مهمة التخريج فذلك أمر لا يخلو من نقد، وإذا صح هذا النقد فإننا لا نتجه به إلى المؤلف وحده، وإنما نوجهه أيضًا إلى من سايرهم المؤلف من العلماء الذين ذكرهم في صدر كلامه، وبين أنه وقف على تخريجاتهم وبخاصة شيخه سراج الدين عمر بن علي الأنصاري المعروف بابن الملقن، الذي كان كتابه أصلًا لهذا الكتاب.
وإذا أردنا أن نتناول أهم مظاهر الكتاب الواضحة وصفاته البارزة فإننا نسجل في ذلك ما يأتي مع التيسير بإيراد أرقام الأحاديث التي تبينا من خلالها هذه الصفات:
أولًا: كثيرًا ما يتطرق شيخ الإسلام ابن حجر في هذا التلخيص إلى إعطاء الأحاديث صبغة الأدلة الفقهية، متناولًا إياها من هذه الزواية فوق تناوله إياها من الزاوية الأساسية التي هي تخريج الحديث ومن ذلك:
1- الأحاديث الأربعة[1] الأولى في الكتاب أسرف المؤلف في دراستها بعد التخريج بإيراد الأقوال الفقهية، واختلاف الاستنباط باختلاف هذه الأدلة، واختلاف الروايات التي يمكن أن يقع من خلالها بعض ذلك الاختلاف، فهو يذكر رأي ابن عبد البر في حديث البحر: "وهو الطهور ماؤه الحل مينته" بأنه غير صحيح، وأنه لو صح أن البخاري صححه لأخرجه في صحيحه، ويرد عليه بذكر عدة روايات تقتضي صحته، ويطيل في ذلك إلى أن ينتهي إلى قول الشافعي: إن هذا الحديث نصف علم الطهارة، وهذا المسلك هو الذي سلكه أيضًا في حديث بئر بضاعة، وهي بئر كانت تلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن، ثم ينقل الحديث: "إن الماء طهور لا ينجسه شيء" ويتناول المناقشة في عموم هذا لحديث أو خصوصه بالنسبة لإطلاق لفظ الشيء، أو تقييده بما إذا لم يغير طعمه أو لونه أو ريحه وهذا التقييد هو ما صرح به في الحديث الثالث: "خلق الله الماء طهورا لا ينجسه إلا ما غير طعمه أو ريحه" ثم يتكلم في صحة ورود هذا الاستثناء أو عدم وروده، وما يرتبط بذلك من الحكم الفقهي وصحة الاستدلال به لبعض المذاهب، وهل هناك متابعات أو شواهد تؤيده فيصح الاستدلال به -مثلًا- ثم يورد تلك المتابعات والشواهد التي ينتصر بها لمذاهبه في فقه الحديث، ثم يذكر الخلاف في القلتين في الحديث الرابع: "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثًا" ويبين هل هو مضطرب فلا يستدل به كما يقول بعض الفقهاء؟ أو هو غير مضطرب؟، وعلى فرض اضطرابه فهل ترجحت بعض الطرق فيعمل بها كما هو شأن النظر في الحديث المضطرب؟ ويطيل في هذه الدراسات وما يتصل بها.
وعلى وجه الإجمال فقد تناول هذه الأحاديث الأربعة بالدراسة التي وصفناها في أكثر من عشر صفحات، ولو أنه اقتصر على مهمة التخريج لأوردها جميعًا بتخريجاتها الوافية في أقل من صفحة. [1] التلخيص الحبير ج1 ص9 إلى 20.
اسم الکتاب : مدرسة الحديث في مصر المؤلف : محمد رشاد خليفة الجزء : 1 صفحة : 442