اسم الکتاب : مدرسة الحديث في مصر المؤلف : محمد رشاد خليفة الجزء : 1 صفحة : 398
وذكر مثل ذلك في سعد بن عبادة، وذكر أيضًا رواية الصحابة عن التابعين وبالعكس. وأطال في هذا جدًّا، ثم قال: فهذا يدل على أن المدبج لا يختص بكون الراويين الذين روى كل منهما عن الاخر قرينين، بل الحكم أعم من ذلك.
10- قال ابن الصلاح في رواية الآباء عن الأبناء: وآخر ما رويناه من هذا النوع وأقربه عهدًا ما حدثنيه أبو المظفر عبد الرحيم ... إلى أن قال: فذكر بإسناده عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أحضروا موائدكم البقل فإنه مطردة للشيطان مع التسمية ... ". ا. هـ[1].
قال العراقي: وقد أبهم المصنف ذكر إسناده، والسمعاني رواه في الذيل من رواية العلاء بن مسلمة الراوسي عن إسماعيل بن مغر الكرماني عن ابن عياش -وهو إسماعيل- عن بردة عن مكحول عن أبي أمامة، وهو حديث موضوع، فأبهم المصنف موقع العلة وسكت عليه، وقد ذكر المصنف في النوع الحادي والعشرين أنه لا يحل رواية الحديث الموضوع لأحد علم حاله في أي معنى إلا مقرونًا ببيان وضعه، وهذا الحديث ذكر غير واحد من الحفاظ أنه موضوع. ثم ساق على ذلك أدلة، ثم ترفق بالمصنف فقال: إنه قد يجاب عن المصنف بأنه لا يرى أنه موضوع وإن كان في إسناده وضاع، فكأنه ما اعترف بوضعه.
وبعد: فهذه أمثلة تدل على مبلغ دقة هذا الإمام الحافظ، فإنه يبدو أنه أنصف ابن الصلاح إنصافًا كريمًا بذكره ما له وما عليه في مواضع المناقشة، فما كتبه على وجازته التي تبدو في متابعة تعليقاته يعتبر من أنفس ما كتب في هذا الفن، كما يبدو أن صاحب التقييد رحمه الله رأى أن كتاب ابن الصلاح كفاية لمن أراد التزود من علوم الحديث، من غير تزيد في متابعة الفضول والمناقشات التي هي مشغلة عن العلم، ومضيعة للكثير من الوقت.
على أن للإمام العراقي استطرادات جمة الفوائد، من بينها ما أشرنا إليه إجمالًا من ذكر الصحابة الذين يروي عنهم الزهري[2]، فقد عد فيمن روى عنهم الزهري، عبد الله بن عمر، وسهل بن سعد، وأنس بن مالك، وعبد الله بن جعفر، وربيعة بن عِبَاد "بكسر العين وتخفيف الموحدة"[3] وسنين أبو جميلة، والسائب بن يزيد، وأبو الطفيل عامر بن واثلة، والمسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن أزهر ... إلخ، ثم ذكر بعض الصحابة الذين اختلف في رواية الزهري عنهم.
ومن ذلك الاستطراد أيضًا ذكره لرواية بعض الصحابة عن بعض التابعين عن بعض الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم ومهد له بقوله: بلغني عن بعض أهل العلم أنه أنكر أن يكون قد وجد شيء من رواية الصحابة عن التابعين عن الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فرأيت أن أذكر من ذلك ما وقع لي، فذكر عشرين حديثًا مع بيان رواتها وتخريجها. [1] التقييد والإيضاح ص345 وما بعدها. [2] التقييد والإيضاح ص72. [3] ولهذا الضبط للأعلام فائدة استطرادية جميلة، وهي نصيحة طيبة.
اسم الکتاب : مدرسة الحديث في مصر المؤلف : محمد رشاد خليفة الجزء : 1 صفحة : 398