اسم الکتاب : مدرسة الحديث في مصر المؤلف : محمد رشاد خليفة الجزء : 1 صفحة : 392
ثم قال في سبب تأليفه: إلا أن فيه غير موضع قد خولف فيه، وأماكن أخر تحتاج إلى تقييد وتنبيه، فأردت أن أجمع عليه نكتًا تقيد مطلقه، وتفتح مغلقه، وقد أورد عليه غير واحد من المتأخرين إيرادات ليست صحيحة، فأردت أن أذكرها، وأبين تصويب كلام الشيخ وترجيحه لئلا يتعلق بها من لا يعرف مصطلحات القوم، وينفق من مزجي البضاعات ما لا يصلح للسوم[1].
ثم ذكر أن الشيخ الإمام علاء الدين مغلطاي أوقفه على شيء جمعه عليه سماه إصلاح ابن الصلاح، وقرأ من لفظه موضعًا منه، وأنه لم ير الكتاب المذكور بعد ذلك، وفي ذلك من اعتداد المؤلف بنفسه ما يشعر بأنه لم يعتمد في شيء مما كتب على غيره، ولهذا يقول بعد ذلك: إن هناك جماعة قد اختصروا هذا الكتاب وتعقبوه عليه في مواضع منه، ثم أشعرنا بقوة شخصيته فقال أيضًا. فحيث كان الاعتراض غير صحيح ولا مقبول، ذكرته بصيغة اعتراض على البناء للمفعول.
ثم ذكر -بعد ذلك- إجازته لكتاب ابن الصلاح.
وبعد: فإن هذه الكلمات المحدودة من الإمام الحافظ العراقي أفادت أن نكته تدور في الأعم الأغلب -على ناحيتين:
الناحية الأولى -ويبدو أنها المهمة- بيان ما خولف فيه الشيخ، وما اعترض به عليه، مع تحقيق ما يراه الإمام العراقي حقًّا، سواء أكان للشيخ أو عليه.
الناحية الثانية -إيضاح ما عسى أن يكون في المقدمة من إبهام أو غموض، أو تفصيل بعض ما يحتاج إلى بسط وتفصيل، وإن ذكر غير ذلك فإنما يذكره لا على أنه الباعث الرئيسي له لشرح هذا الكتاب، بل ليسوق فيه فوائد استطرادية تفيد دارس السنة، وتبرهن على قوة اضطلاعه بمختلف العلوم.
ولنذكر على سبيل المثال بعض ما أورده من اعتراض وما دفعه به:
1- قال ابن الصلاح: أعلم -علمك الله وإياي- أن الحديث عند أهله ينقسم إلى صحيح وحسن وضعيف[2]، فقال العراقي: اعترض عليه بأمرين: أحدهما أن في الترمذي مرفوعًا: "إذا دعا أحدكم فليبدأ بنفسه" فكان الأولى أن يقول علمنا الله وإياك، وأجاب عن هذا الاعتراض بأن الحديث ليس هكذا، وهو حديث أبي بن كعب: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ذكر أحدًا فدعا له بدأ بنفسه" أخرجه الترمذي وقال حسن غريب صحيح ورواه أبو داود بلفظ: كان إذا دعا بدأ بنفسه وقال: "رحمة الله علينا وعلى موسى" الحديث، ورواه النسائي [1] ص 11 و12 من كتاب التقييد والإيضاح. [2] التقييد والإيضاح ص18.
اسم الکتاب : مدرسة الحديث في مصر المؤلف : محمد رشاد خليفة الجزء : 1 صفحة : 392