اسم الکتاب : مدرسة الحديث في مصر المؤلف : محمد رشاد خليفة الجزء : 1 صفحة : 387
أما بعد، فإن التصانيف في اصطلاح أهل الحديث قد كثرت في القديم والحديث، فمن أول من ألف في ذلك القاضي أبو محمد الرامهزمزي في كتابه: المحدث الفاصل بين الراوي والواعي، لكنه لم يستوعب، والحاكم أبو عبد الله النيسابوري، المتوفى عام خمس وأربعمائة، لكنه لم يهذب ولم يرتب، وتلاه أبو نعيم[1] الأصبهاني فعمل على كتابه مستخرجًا[2] وأبقى أشياء للمتعقب، ثم جاء بعدهم الخطيب أبو بكر[3] البغددي فصنف في قوانين الرواية كتابًا سماه الكفاية، وفي آدابها كتابًا سماه: الجامع لآداب الشيخ والسامع، وقل فن من فنونه إلا وصنف فيه كتابًا مفردًا، فكان كما قال الحافظ أبو بكر بن نقطة: كل من أنصف علم أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه، ثم جاء من بعدهم بعض من تأخر عن الخطيب، فأخذ من هذا العلم بنصيب، فجمع القاضي عياض[4] كتابًا لطيفًا سماه الإلماع، وأبو حمض الميانجي[5] جزءًا سماه ما لا يسع المحدث جهله.
ثم جاء من بعد هؤلاء الحافظ الفقيه تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلاح[6] عبد الرحمن الشهرزوري نزيل دمشق فجمع كتابه المشهور بمقدمة ابن الصلاح، فهذب فنونه، وأملاه شيئًا بعد شيء، فلهذا لم يحصل ترتيبه على الوضع المتناسب، واعتنى بتصانيف الخطيب المفرقة فجمع شتات مقاصدها، وضم إليها من غيرها نخب فوائدها، فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره، فلهذا عكف الناس عليه وساروا بسيره، فلا يحصى كم ناظم له ومختصر، ومستدرك عليه ومقتصر، ومعارض له ومنتصر. ا. هـ.
وهذا الكتاب "مقدمة ابن الصلاح" هو الذي نقل السيوطي أنه جمع فيه خمسة وستين نوعًا ثم اختصره النووي في كتابيه: التيسير والتقريب.
وقد ذكر الدكتور عبد الوهاب عبد اللطيف في مقدمته للتدريب ما يبين هذا الإنجاز الوارد في عبارة ابن حجر[7] فقال: إن للزين العراقي المتوفى عام ست وثمانمائة، والبدر الزركشي المتوفى عام أربع وتسعين وسبعمائة، والحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى عام اثنين وخمسين وثمانمائة عليه نكتًا جيدة، ونكت العراقي تسمى التقييد والإيضاح لما أطلق وأغلق من كتاب ابن الصلاح، ونكت العسقلاني تسمى الإيضاح عن نكت ابن الصلاح. [1] هو إمام الحافظ أبو نعيم الأصبهاني أحمد بن عبد الله بن أحمد الصوفي الأحول الشافعي المتوفى سنة 430هـ. [2] مستخرجًا -بكسر الراء- بمعنى مستدرك. [3] هو الإمام أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي المتوفى سنة 463هـ. [4] هو الإمام أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي السبتي المالكي صاحب الشفاء المتوفى سنة 544هـ. [5] هو أبو حفص عمر بن عبد المجيد الميانجي المتوفى سنة 580هـ. [6] هو الإمام تقي الدين بن الصلاح الحافظ شيخ الإسلام أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن موسى الكردي الشهرزوري الموصلي الشافعي المتوفى سنة 643هـ. [7] ص7 ج1 تدريب الراوي.
اسم الکتاب : مدرسة الحديث في مصر المؤلف : محمد رشاد خليفة الجزء : 1 صفحة : 387