اسم الکتاب : مدرسة الحديث في مصر المؤلف : محمد رشاد خليفة الجزء : 1 صفحة : 316
والحديث رقم 4655 وهو حديث أنس: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه، فقال له عمر: ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت وأمي؟ فقال: "رجلان جثيا من أمتي بين يدي رب العزة تبارك وتعالى، فقال أحدهما: يا رب خذ لي مظلمتي من أخي، قال الله عز وجل: أعط أخاك مظلمته، قال: يا رب لم يبق لي من حسناتي شيء، قال الله تعالى للظالم: كيف تصنع ولم يبق من حسناته شيء؟ قال: فليحمل عني أوزاري" قال: ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء ثم قال: "إن ذلك ليوم عظيم يحتاج الناس فيه إلى أن يحمل عنهم من أوزارهم، فقال الله تعالى للطالب: أرفع بصرك فانظر إلى الجنة، فرفع بصره فقال: أي رب، أرى مدائن من فضة، وقصورا من ذهب مكللة بالؤلؤ، فيقول: لأي نبي هذا؟ لأي صديق هذا؟ لأي شهيد هذا؟ قال: هذا لمن أعطى الثمن، قال: يا رب ومن يملك ذلك؟ قال: أنت تملكه، قال: بماذا يارب، قال: بعفوك عن أخيك، قال: يا رب إني قد عفوت عنه، قال الله تعالى: خذ بيد أخيك فأدخله الجنة"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: "فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم فإن الله يصلح بين المؤمنين يوم القيام" [1].
وقد تكون الغرابة بعرض أمر غير مألوف، ولا متمش مع قواعد الشريعة أو لغة العرب، ولا ما ورد من السنة، وذلك كحديث شريح أنه سأل عائشة: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الحصير، فإني سمعت في كتاب الله عز وجل: {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} 2؟
ففي هذا الحديث اتجاه بالحصير إلى غير معناه المتداول في لغة العرب من أن معناه في مصل هذا "المحبس" كما صرح به علماء التفسر واللغة، وقد أورد الأزهري في تفسير الآية في مادة حصر، فقال: وقال الله عز وجل: {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} قال أبو الحسن الأخفش حصيرا أي محبسا ومحصرا، ولذلك يقال للملك حصير لأنه محجوب، ثم قال بعد ذلك: ونقل مثله عن أبي الهيثم، ثم قال: والحصير البساط الصغير من النبات.
وهذا الحديث -وإن نص الهيثمي على أن رجاله موثقون- لا يتفق مع الدين، وأن موضع الصلاة إذا كان طاهرًا لا تمتنع الصلاة عليه، وسياق المناقشة بين الراوي وبين عائشة يوهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم امتنع من الصلاة على الحصير لهذه الآية حتى يبتعد عن صفات جهنم، مع أنه قد ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي على الحصير، جاء في حديث المغيرة: "أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي على الحصير والفروة المدبوغة" أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم بسند صحيح كما في الجامع الصغير[3]، وجاء في كشف الغمة للإمام الشعراني[4] وهو كتاب قد التزم [1] المطالب العالية ج1 ص94.
2 سورة الإسراء آية رقم 7. [3] الجامع الصغير ج2 ص118. [4] كشف الغمة ج1 ص97.
اسم الکتاب : مدرسة الحديث في مصر المؤلف : محمد رشاد خليفة الجزء : 1 صفحة : 316