responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مدرسة الحديث في مصر المؤلف : محمد رشاد خليفة    الجزء : 1  صفحة : 264
ففي هذه المجموعة يمكن للقارئ أن يقرأ السطر عرضًا على الطبيعة، وعرضًا على العكس، بأن يقرأ النصف الثاني للسطر قبل الأول، وفي كل من نصفي السطر حديث كامل، كما يمكنه أن يقرأ النصف الأول من السطر الأول، ثم يقرأ النصف الأول من السطر الثاني حتى نهاية الصفحة، وهكذا في الإنصاف الثانية من السطور من الجانب الثاني، ومن أراد أن يقرأه من الأسفل إلى الأعلى مراعيًا كل السطور أو أنصافها من أي جانب أمكن له ذلك.
وهذه الطريقة كان مبدأ ظهورها في أواخر العصر العباسي منذ ضعفت الملكات في العربية، فاتجهت الأذهان إلى استكمال النقص في الملكات بإظهار البراعة، والاختراع في الصناعة، وأشاع بينهم الكتابة بما يقرأ طردًا وعكسًا على ألوان مختلفة ووجوه متعدده، كما كانوا يكتبون الرسائل بحروف كلها معجمة، أو بحروف كلها مهملة إلى صور أخرى عديدة لا مجال لاستيعابها الآن ونحن في مجال الدراسة الحديثية، ومن أراد أن يتصور هذا فليرجع إلى مقامات الحريري.
وقد كان جديرًا بالمؤلف -وهو من رجال الحديث والمنتسبين إلى هذه الصناعة التي هي أشرف الصناعات- أن يعني بالحقائق تطبيقًا لهذا الاسم الذي اختاره عنوانًا لهذا الكتاب، ولتلك الصفات التي ذكرها في تقديمه له، من أنه فصوص ياقوتية أو عقود زبرجدية أو قلائد زمردية، فإن الحديث النبوي في ذاته، ولا سيما إذا صحت روايته عن السيد المعصوم صلى الله عليه وسلم محقق لتلك المعاني دون هذه القيود والتكلفات.
ولعلنا بعد هذا التصوير نضيف إلى أعذارنا السابقة عذرًا جديدًا في دراسة هذا الكتاب، وعرض صفاته على القارئ الكريم؛ لأننا بذلك نعرض صورة لما وصلت إليه دراسة السنة النبوية من الوقوع في شباك هذه التكلفات.
ولقد ترك هذا المسلك أثرًا سيئًا في عدم ترتيب أحاديث الكتاب على الحروف والكلمات كما فعل الإمام السيوطي -رحمة الله عليه- وفي عدم التزام التخير المعنوي لأقوى الأحاديث، فإن التقيد بعدد الكلمات يلجئه إلى جمع ما يسمى حديثًا إلى جنب آخر من شكله، وإن لم تصح النسبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فتصبح التخيرات الأصلية ضحية لما ألزم به نفسه من القراءة طردًا وعكسًا ويمينًا ويسارًا وصعودًا ونزولًا.
ولهذا وصف صاحب الرسالة المستطرفة وهو يترجم لمؤلفه بأن كتابه هذا مشحون بالأحاديث الضعيفة والموضوعة، وذكر أن في رموزه بعض تحريف يغلب على الظن بأنه من النساخ[1].

[1] الرسالة المستطرفة ص138.
اسم الکتاب : مدرسة الحديث في مصر المؤلف : محمد رشاد خليفة    الجزء : 1  صفحة : 264
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست