اسم الکتاب : مدرسة الحديث في مصر المؤلف : محمد رشاد خليفة الجزء : 1 صفحة : 252
في الموضوعات، على أن هذا لا يقتضي أن الحديث في ذاته موضوع؛ لأنه عرف عن ابن الجوزي عدم الدقة، فإنه يحكم على كثير من الأحاديث المقبولة بالوضع، عى عكس الحاكم في مستدركه إذ يصحح كثيرًا من المنكرات.
ومن ذلك أيضًا الحديث الثلاثون بعد المائتين، فإنه خرجه وقوم سنده في نحو عشرة أسطر، وهو من الظواهر التي تلفت النظر، وتدل على تمام العناية بالتخريج والتقويم، والحديث الثمانون بعد الثلاثمائة والألف، ذكر في تخريجه راويا نسب إلى ابن حبان الحكم على هذا الراوي بأنه يروي الموضوعات عن الإثبات، وإنما قال السيوطي ذلك تبرئة لعهدته، وفي الحديث الرابع والستين بعد الأربعمائة والألف -وهو حديث القلتين- قال في تخريجه: إن الشافعي أورده في الأم والمسند والمختصر عن مسلم بن خالد الزنجي عن ابن جريج بإسناد لا يحضرني ذكره، ثم قال: إن ابن الأثير والرافعي في شرح المسند قال: إن الإسناد الذي لم يحضره على ما ذكره أهل العلم بالحديث أن ابن جريج قال: أخبرني فلان عن فلان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ... ، ثم قال السيوطي: وقد رواه الدارقطني في سننه كما ذكراه "ابن الأثير والرافعي" ثم قال: إن ابن الأثير حكم بأنه مرسل، وقال السيوطي: قلت: إنه يعتضد بما رواه ابن عدي من حديث ابن عمر "وذكر الحديث" ثم قال: وفي سنده المغيرة بن صقلاب قال ابن حاتم: صالح الحديث، وقال أبو زرعة، جزري لا بأس به. ا. هـ من تخريج أحاديث الرافعي لابن الملقن.
وهذا ولا شك مجهود يؤيد ما ذهبنا إليه من الدقة البالغة، والخبرة الفائقة في التخريج والتقويم على أن هذا الحديث يؤيد مذهب الشافعية فيما ذكروه من تقدير الماء الذي لا ينجس بملاقاة النجاسة[1].
هذا وللسيوطي عبارات مختلفة في تصوير التجريح في الأحاديث الواهية.
ففي الحديث التاسع عشر: "آخر الطب الكي" حكم بأنه اشتهر وليس بحديث، وفي الحديث الخامس والأربعين جزم بأن فيه زنفلًا العوفي الكذاب، وفي الحديث الثاني بعد المائتين ذكر راويا ثم قال نقلًا عن رجال التجريح: إنهم كذبوه، وفي الحديث الرابع بعد المائتين وصف راويا فيه بأنه متروك، وغير ذلك من العبارات.
ومسلكه هذا يتصل بالدقة في تقويم الحديث، فإن الواضح أن اختلاف العبارة في تجريح الرواة مما تختلف به الأحكام، وهو ما يتصل بأقسام الجرح والتعديل التي أوردها علماء أصول الحديث.
4- كثيرًا ما يذكر المؤلف الأسباب التي وردت من أجلها الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ففي الأحاديث التي تحمل الأرقام: 70، 104، 118، 120، 157، 317، 346، 349، 367، 379، 800، 803، 804، 811، 815، 825، 827، 828، [1] وقد أسهب ابن حجر في كتابه تلخيص الحبير من ص16 إلى ص20 في بيان إسناد هذا الحديث ومعناه وتحديد القلة، والسيوطي يتفق معه في بعض جهات بحثه، غير أنه انفرد ببيان ما يعتضد به هذا الحديث.
اسم الکتاب : مدرسة الحديث في مصر المؤلف : محمد رشاد خليفة الجزء : 1 صفحة : 252