اسم الکتاب : مدرسة الحديث في مصر المؤلف : محمد رشاد خليفة الجزء : 1 صفحة : 174
ثم قال: والأولى بنا في هذه الآثار لما جاءت هذا المجيء أن نحملها ونخرج وجوهها على الاتفاق لا على الخلاف والتضاد.
وبعد أن أورد حديث عائشة رضي الله عنها بأسانيده المتعددة ورواياته التي يبدو منها تعجيل النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة العصر, ورده على ذلك، وبعد أن أورد حديث أبي برزة الذي يقول: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العصر فيرجع الرجل إلى أقصى المدينة والشمس حية" وأجاب عنه بما سبق له الإجابة به قال: فلم نجد في هذه الآثار لما صححت وجمعت ما يدل إلا على تأخير العصر، ولم نجد شيئًا منها يدل على تعجيلها إلا قد عارضه غيره، فاستحيينا بذلك تأخير العصر، إلا أنها تصلى والشمس بيضاء، وفي وقت يبقى بعده من وقتها مدة قبل أن تغيب الشمس.
ثم قال: ولو خلينا والنظر لكان تعجيل الصلوات كلها في أوائل أوقاتها أفضل، ولكن اتباع ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما تواترت به الآثار أولى.
فقد رأينا هنا كيف أعمل الآثار في استنباط الحكم وأهمل النظر، حيث استطاع أن يحمل وجوه الآثار على الاتفاق فاستقامت دليلًا على الحكم، فلا حاجة به إذًا إلى النظر والاجتهاد، فإنه لا اجتهاد مع النص.
ومثل ذلك أيضًا ما جاء في باب الرجل يتحرك سنه هل يشدها بالذهب أم لا[1]. فإنه بعد أن استعرض الأحاديث والآثار الواردة في الباب، وبعد أن أورد تساؤلًا قال فيه: فإن قال قائل: فقد رأينا خاتم الفضة أبيح للرجال ومنعوا من خاتم الذهب، فقد أبيح لهم من الفضة ما لم يبح لهم من الذهب قيل لهم: قد كان النظر ما حكينا، وهو إباحة خاتم الذهب للرجال كخاتم الفضة، ولكنا منعنا من ذلك، وجاء النهي عن خاتم الذهب نصًّا، فقلنا به وتركنا له النظر، ولولا ذلك لجعلنا في الإباحة كخاتم الفضة.
4- يعنى بسرد الأحاديث والآثار بأسانيدها دون اعتناء بالكلام على درجة الحديث أو تقويم رجاله اكتفاء بذكر الإسناد الذي انتهى به إلى هذا الأثر أو ذلك الحديث.
ولا يكون الكلام منه على درجة الحديث أو رجاله إلا عند المقارنة والترجيح بين الآثار، فإنه حينئذ يتكلم على رجال الإسناد، وعلى درحة الأحاديث، انتصارًا لفريق على فريق، واختيارًا لرأي دون رأي.
ومن ذلك ما ذكره عند الكلام على الأحاديث والآثار الواردة في باب صلاة العيدين كيف التكبير فيها[2]، فإنه بعد أن سرد الأحاديث الواردة في هذا الباب، والدالة على أن التكبير سبعًا في الأولى من الركعات وخمسًا في الثانية، في الأضحى وفي الفطر على السواء قال: قالوا: فهذه الآثار نقول وإليها نذهب. [1] شرح معاني الآثار: ج4 ص257. [2] شرح معاني الآثار: ج4 ص343 وما بعدها.
اسم الکتاب : مدرسة الحديث في مصر المؤلف : محمد رشاد خليفة الجزء : 1 صفحة : 174