اسم الکتاب : مدرسة الحديث في مصر المؤلف : محمد رشاد خليفة الجزء : 1 صفحة : 172
فظنت لهذا مني! ليست بسنة، إن كان لكاف وضوئي لصلاة الصبح صلواتي كلها ما لم أحدث، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من توضأ على طهر كتب الله له بذلك عشر حسنات" ففي ذلك رغبت يابن أخي.
قال المؤلف: فقد يجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما فعل ما رواه عنه ابن بريدة لإصابة هذا الفضل، لا لأن ذلك كان واجبًا عليه.
قال: وقد روي عن أنس عن مالك أيضًا ما يدل على ما ذكرنا، قال أنس: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فتوضأ منه. فقال الراوي لأنس: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة؟ قال: نعم. قلت: فأنتم؟ قال: كنا نصلي الصلوات بوضوء.
فهذا أنس قد علم حكم ما ذكرنا من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ير ذلك فرضًا على غيره.
وقد يجوز أيضًا أن يكون كان يفعل ذلك وهو واجب ثم نسخ، فنظرنا في ذلك هل نجد شيئًا من الآثار يدل على هذا المعنى فإذا ابن أبي داود قد حدثنا. ثم ساق حديثًا يدل على ذلك النسخ، ثم استطرد بذكر أحكام للسواك في مناسبة وروده في الحديث الذي ساقه، وأورد في هذا المعنى أحاديث كثيرة انتهى منها إلى قوله: فثبت بقوله صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" أنه لم يأمرهم بذلك، وأن ذلك ليس عليهم، وأن في ارتفاع ذلك عنهم -وهو المجعول بدلًا من الوضوء لكل صلاة- دليل على أن الوضوء لكل صلاة لم يكن عليهم ولا امروا به، وأن المأمور به النبي صلى الله عليه وسلم دونهم، وأن حكمه كان في ذلك غير حكمهم.
قال: فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار، وقد ثبت بذلك ارتفاع وجوب الوضوء لكل صلاة.
وأما وجه ذلك من طريق النظر، فإنا رأينا الوضوء طهارة من حدث، فأردنا أن ننظر في الطهارات من الأحداث كيف حكمها؟ وما الذي ينقضها؟، فوجدنا الطهارات التي توجبها الأحداث على ضربين: فمنها الغسل، ومنها الوضوء. وأورد وجهه نظره التي انتهى منها إلى أن النظر أن يكون حكم الطهارات من سائر الأحداث أنه لا ينقضها مرور الوقت كما لا ينقض الغسل مرور الوقت.
وبعد أن ساق حجة أخرى تؤيد هذا ومسائل قاس عليها ما هو بصدده قال: وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى، وقد قال بذلك جماعة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أورد كثيرًا من الآثار التي تؤيد مذهب أبي حنيفة وصحبه رضوان الله عليهم.
ومن استعماله طريق الآثار وحده في الاستنباط وإهداره طريق النظر ما صنعه في باب صلاة العصر هل تعجل أو تؤخر[1] حيث روى فيه حديث أنس بن مالك إذا يقول: "ما كان أحد أشد [1] شرح معاني الآثار: ج1 ص189 وما بعدها.
اسم الکتاب : مدرسة الحديث في مصر المؤلف : محمد رشاد خليفة الجزء : 1 صفحة : 172