اسم الکتاب : مدرسة الحديث في مصر المؤلف : محمد رشاد خليفة الجزء : 1 صفحة : 168
حديث على ناسخ لغيره من الأحاديث. وقال: فهذا ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما قد رويا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يرد السلام في حال الحدث حتى يتيمم، وهما فقد قرأا القرآن في حال الحديث، ولا يجوز ذلك عندنا إلا وقد ثبت النسخ أيضًا عندهما، ثم قال: وقد تابعهما على ما ذهبا إليه من هذا قوم. ثم أورد آثارًا أخرى تشهد لما ذهبًا إليه، بعضها من عمل الصحابة، وبعضها من رواية التابعين، كل ذلك في نحو سبع صفحات من الكتاب.
ومثل هذا ما أورده المؤلف في باب وضع إحدى الرجلين على الأخري[1]. فقد ذكر حديثًا رواه جابر بأسانيد متعددة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كره أن يضع الرجل إحدى رجليه على الأخرى، وزاد في بعضها "وهو مضطجع"، كما ذكر حديثًا عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنه نهى أن يثني الرجل إحدى رجليه على الأخرى".
ثم قال أبو جعفر: فكره قوم وضع إحدى الرجلين على الأخرى لهذه الآثار، واحتجوا في ذلك أيضًا بما رواه الطحاوي بسنده إلى أبي وائل قال: كان الأشعث وجرير بن عبد الله وكعب قعودًا، فرفع الأشعث إحدى رجليه على الأخرى، وهو قاعد، فقال له كعب بن عجرة: ضمها فإنه لا يصلح لبشر، ثم قال: وخالفهم في ذلك آخرون فلم يروا بذلك بأسًا، واحتجوا في ذلك بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ساق حديثًا عن عباد بن تميم عن عمه قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مستلقيًا في المسجد واضعًا إحدى رجليه على الأخرى، وأورد بعده ستة أحاديث مثله ثم قال: قالوا: فهذه الآثار قد جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بإباحة ما منعت منه الآثار الأول.
قال: وأما ما ذكروه مما احتجوا به من قول كعب بن عجرة، فإنه قد روى عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك، ثم أورد عددًا من الآثار الدالة على أن كبار الصحابة كانوا يفعلون ذلك، ومن بينهم أبو بكر وعمر وعثمان وأسامة بن زيد وابن عمر وأنس بن مالك، ثم قال: فقد روينا عن الجلة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا مما لا يتوصل إلى تبينه من طريق النظر، فنستعمل فيه ما استعملناه في غيره من أبواب هذا الكتاب، وأخذ يستعرض الأحاديث والآثار ويقارن بعضها ببعض، وانتهى إلى احتمال نسخ أحد الأمرين للآخر. ثم قال: فلما وجدنا أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم -وهم الخلفاء الراشدون المهديون على قربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمهم بأمره- قد فعلوا ذلك بعده بحضرة أصحابه جميعًا، وفيهم الذي حدث بالحديث الأول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكراهة فلم ينكر ذلك أحد منهم، ثم فعله عبد الله بن مسعود وابن عمر وأسامة بن زيد وأنس بن مالك رضي الله عنهم، فلم ينكر عليهم منكر ثبت بذلك أن هذا هو ما عليه أهل العلم من هذين الخبرين المرفوعين، وبطل بذلك ما حالفه لما ذكرنا وبينا. [1] شرح معاني الآثار ج ص277 وما بعدها.
اسم الکتاب : مدرسة الحديث في مصر المؤلف : محمد رشاد خليفة الجزء : 1 صفحة : 168