اسم الکتاب : توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته المؤلف : رفعت بن فوزي عبد المطلب الجزء : 1 صفحة : 293
في الآية الكريمة، مع أن القصر له طرق أربعة معروفة ولم يوجد شيء منها في الآية الكريمة، فكيف تستقيم دعوى القصر من غير دليله؟ ولئن سلمنا القصر كما زعمتم، فهو ثابت بطريق المفهوم، وهو ليس بحجة عندكم عندي. على أن من يعتبره حجة يقيده بعدم وجود دليل آخر يعارضه، فإذا عارضه سقط الاحتجاج به. وهنا دليل معارض، هو هذا الحديث، فلا يكون العمل به مخالفًا للكتاب[1].
ثانيهما:
608- نص الله تعالى على أن أدنى ما تنتفي به الريبة شهادة شاهدين، قال تعالى: {وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا} ، وليس دون الأدنى شيء آخر نتنفي به الريبة، فلو كان الشاهد مع اليمين حجة للزم منه انتفاء كون المذكور في الكتاب أدنى في انتقاء الريبة وذلك لا يجوز، فكان في جعله حجة إبطال موجب الكتاب[2].
609- وقد أثار البخاري هنا اعتراضًا كما فعل في الوجه السابق، فقال: إن الآية التي ذكرتموها لا دلالة فيها من هذا الوجه على ما ذكرتم، فهي تقول: {ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا} واسم الإشارة راجع إلى {أَنْ تَكْتُبُوه} في قوله عز اسمه: {وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ} والأدنى بمعنى الأقرب لا بمعنى الأقل، أي ذلكم الكتب أقسط عند الله وأقوم للشهادة، أي أعدل على أدائها. وأدنى ألا ترتابوا، أي: أقرب من انتفاء الريب.
كذا في الكشاف وغيره ولا يجوز أن تصرف الإشارة إلى قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} وأن يجعل الأدنى بمعنى الأقل؛ لأن قوله تعالى: {أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ} لا تنقاد له، وإذا كان الأمر كذلك لا يكون الحديث مخالفًا للكتاب من هذا الوجه أيضًا. [1] كشف الأسرار 3/ 732. [2] أصول السرخسي 1/ 366.
3 كشف الأسرار 3/ 732.
اسم الکتاب : توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته المؤلف : رفعت بن فوزي عبد المطلب الجزء : 1 صفحة : 293