اسم الکتاب : تدوين السنة النبوية في القرنين الثاني والثالث للهجرة المؤلف : بنكيران، محمد بن صادق الجزء : 1 صفحة : 13
ولم يكن يقتصر على المرفوع من قول النبي صلى الله عليه وسلم، بل كان يدون ما جاء عن الصحابة أيضا ملحقا إياه بالسنن فقد روي عن صالح بن كيسان قال: "اجتمعت أنا والزهري ونحن نطلب العلم فقلنا نكتب السنن فكتبنا ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: نكتب ما جاء عن أصحابه فإنه سنة فقلت أنا: ليس بسنة فلا نكتبه، قال: فكتب، ولم أكتب، فأنجح، وضيعت" [1] .
ولاشك أن هذه الرغبة التي لازمت الزهري منذ البداية قد خلفت أثارها على عمله وتدوينه فاتصف هو الآخر بالشمول، إلا أنه شمول في إطار السنن المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وما في حكمها من أقوال الصحابة، بدليل كتاب عمر ابن عبد العزيز لابن حزم الذي حدد فيه نوعية العلم المرغوب في جمعه حيث قال: "انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أو سُنَّة ماضية أو حديث عمرة" [2] وهذا يدل على أن مأثور الصحابة لم يكن مقصودا لديه بالتدوين، بل ورد في رواية أخرى ما يرفع احتمال أي شك في هذا حيث قال: "ولا تقبل إلا حديث النبي صلى الله عليه وسلم" [3] . ويؤيد هذا أيضا ما روي عن ابن وهب حين أخبره مالك بكتاب عمر لابن حزم في جمع الحديث فقال: "قلت لمالك: السنن؟ قال: نعم" [4] .
ولاشك أن المقصود بالسنن في قول الزهري: "أمرنا عمر بن عبد العزيز [1] ابن سعد: الطبقات الكبرى 2: 388-389– القسم المتمم ص 168– الفسوي1: 637 – مصنف عبد الرزاق 11: 258 تاريخ أبي زرعة1: 412. [2] ابن سعد: الطبقات 8: 353 – الخطيب: تقييد العلم 105. [3] البخاري: التاريخ الصغير 105. [4] الفسوي: المعرفة والتاريخ 1: 644-645.
اسم الکتاب : تدوين السنة النبوية في القرنين الثاني والثالث للهجرة المؤلف : بنكيران، محمد بن صادق الجزء : 1 صفحة : 13