اسم الکتاب : الوسيط في علوم ومصطلح الحديث المؤلف : أبو شهبة، محمد الجزء : 1 صفحة : 514
"أكثر الصحابة علما وفتيا":
كما اشتهر بالإكثار من الرواية بعض الصحابة، كذلك اشتهر بالفقه والفتيا آخرون، ومنهم من جمع بين الأمرين كالإكثار من الرواية والفقه والفتوى كابن عباس رضي الله عنهم.
وقد اختلف في أكثرهم فتيا, فقيل: ابن عباس، روي عن أحمد بن حنبل قال: "ليس أحد من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يروى عنه في الفتوى أكثر من ابن عباس", وقد جمع بعض أئمة الإسلام فتيا ابن عباس في عشرين كتابا[1].
وقيل: غير ذلك, روي عن مسروق بن الأجدع التابعي الجليل أنه قال: "انتهى علم الصحابة إلى ستة: عمر، وعلي، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت, وأبي الدرداء، وابن مسعود, ثم انتهى علم الستة إلى علي وابن مسعود", وروى الشعبي عنه -أي مسروق- نحوه إلا أنه ذكر أبا موسى الأشعري بدل أبي الدرداء، وقد استشكل قول مسروق بأن عليًّا وابن مسعود ماتا قبل زيد بن ثابت وأبي موسى بلا خلاف, فكيف ينتهي علم من تأخرت وفاته إلى علم من مات قبله! وقد أجاب الحافظ العراقي عن ذلك بأنهما ضما علم المذكورين إلى علمهما في حياتهم، وإن تأخر زمان وفاة بعضهم عنهما[2].
والذي يظهر لي في الجواب -والله أعلم- أنه ليس المراد به الانتهاء الزمني فحسب, وإنما المراد ذلك مع الشهرة في العلم، وأن علم هذين طغى على علم غيرهما حتى من تخلف عنهما وفاة, والظاهر أن علم أبي موسى اندرج تحت علم عليّ، وأن علم زيد اندرج تحت علم ابن مسعود كما يدل على ذلك كلام الشعبي الآتي, ولولا تقدم وفاة عمر [1] إعلام الموقعين ج1 ص9. [2] شرح مقدمة ابن الصلاح ص262.
اسم الکتاب : الوسيط في علوم ومصطلح الحديث المؤلف : أبو شهبة، محمد الجزء : 1 صفحة : 514