اسم الکتاب : الوسيط في علوم ومصطلح الحديث المؤلف : أبو شهبة، محمد الجزء : 1 صفحة : 499
بعد مائة سنة من مقالته، وقالوا: إن الحديث غير صحيح لمخالفته للواقع والمشاهدة! ولو أنهم عقلوا وتأملوا لعلموا أن المراد انخرام ذلك القرن أي انتهاء أهله كما بينته رواية البخاري, بل جاء في روايته أيضا أن بعض الناس وهموا وظنوا أن المراد قيام الساعة, ثم تبين لهم أن المراد انتهاء الجيل، والساعة كما نطلق على الساعة الكبرى تطلق على الساعة الخاصة كساعة الأمم أو الأجيال، فرد الحديث بناء على وهم وخطأ في الفهم ليس من قواعد البحث العلمي الصحيح في شيء.
وكلام الأصوليين أيضا يقتضي ما ذكرناه, فإنهم اشترطوا في ثبوت الصحبة بادعائه أن يكون قد عرفت معاصرته للنبي. قال الآمدي في الإحكام: "فلو قال من عاصره: أنا صحابي مع إسلامه وعدالته فالظاهر صدقه، وحكاهما ابن الحاجب احتمالين من غير ترجيح. قال: ويحتمل أن لا يصدق لكونه متهما بدعوى رتبة يثبتها لنفسه"[1]. [1] شرح مقدمة ابن الصلاح ص261.
"عدالة الصحابة":
1- الصحابة كلهم عدول عند جمهور الفقهاء من المحدثين والفقهاء والأصوليين، ومعنى عدالتهم استقامتهم على الدين، وائتمارهم بأوامره وانتهاؤهم عن نواهيه, وأنهم لا يتعمدون الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وذلك لما اتصفوا به من قوة الإيمان، والتزام التقوى، والمروءة وسمو الأخلاق والترفع عن سفاسف الأمور، وليس معنى عدالتهم أنهم معصومون من المعاصي أو من السهو أو من الغلط, فإن ذلك لم يقل به أحد من أهل العلم، ولم يخالف في عدالتهم أو عدالة بعضهم إلا شذاذ من المبتدعة وأهل الأهواء لا يعتد بأقوالهم وآرائهم؛ لعدم استنادها إلى برهان وسنعرض لهذه الآراء فيما بعد ومناقشتها.
اسم الکتاب : الوسيط في علوم ومصطلح الحديث المؤلف : أبو شهبة، محمد الجزء : 1 صفحة : 499