responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الوسيط في علوم ومصطلح الحديث المؤلف : أبو شهبة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 427
والذي يظهر لي -والله أعلم- أن أي عالم متمرس في فن من الفنون، وطالت مصاحبته له، والوقوف على حقائقه ودقائقه تحصل له ملكة[1] في هذا الفن قد تصل هذه الملكة المكتسبة بطول البحث والنظر والتأمل إلى أن تجعل صاحبها ملهما في إدراك حقائق الأمور.
فمن الأطباء مثلا من حصل لهم بعد طول الممارسة لعلم الطب، ومقابلة المرضى والتعرف على أدوائهم وأمراضهم وعللهم ملكة بحيث يدرك بمجرد رؤية المريض أنه مريض بكذا، وإن لم يستعمل التفسرة[2] التي تعينه على إدراك حقيقة مرض المريض.
كذلك الكثرة الكاثرة من أئمة الحديث ولا سيما في العصور الأولى حصلت لهم بطول الممارسة والملازمة للحديث وعلومه ملكة بها يدركون الحديث المعلول من غير المعلول بحيث لا يحتاجون إلى طول بحث ونظر، وإنما تنطلق ألسنتهم بالحقيقة بحيث يخيل إلى السامع أن هذا العلم إلهام كما قال الرجل الذي ذكرنا قصته مع أبي زرعة الرازي.
إن الواحد منا نحن معاشر المشتغلين بعلم الحديث والسنن على فرق ما بيننا وبين هؤلاء الأئمة قد تحصل له هذه الملكة بحيث يميز ما بين ما هو من كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وما ليس من كلامه، ولو لم يكن عنده علم خاص في ذلك، وأيضا فالعالم العامل بعلمه هو أحق من يلهمه الله الحق والصواب والله أعلم.

[1] الملكة: كيفية وحالة راسخة في النفس تحصل لمن يمارس وتطول ملازمته لأمر من الأمور.
[2] هي الآلة التي يتعرف بها الطبيب مرض المريض كالسماعة مثلا.
اسم الکتاب : الوسيط في علوم ومصطلح الحديث المؤلف : أبو شهبة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 427
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست