اسم الکتاب : الوسيط في علوم ومصطلح الحديث المؤلف : أبو شهبة، محمد الجزء : 1 صفحة : 324
فاعل ذلك إلا إذا كان مستحلا للكذب عليه. وقال الإمام أبو محمد الجويني -والد إمام الحرمين- من أئمة الشافعية: يكفر من تعمد الكذب على رسول الله نقل ذلك عنه ابنه إمام الحرمين, وقال: إنه لم يره لأحد من الأصحاب, وإنه هفوة من والده, ووافق الجويني على هذه المقالة الإمام ناصر الدين ابن المنير من أئمة المالكية، وغيره من الحنابلة ووافقهم الإمام الذهبي في تعمد الكذب في الحلال والحرام, ولعل مما يشهد لهم قوله تعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ} [1] فقد نفت الآية الإيمان عمن يفتري الكذب على الله والكذب على الرسول كذب على الله أقول: لعل مراد هؤلاء من استحل ذلك، أو أنهم قالوه على سبيل المبالغة في الزجر والتنفير منه؛ لأن الأدلة المتكاثرة من القرآن والسنة على أن فاعل الكبيرة لا يكفر.
هل تقبل رواية من كذب في الحديث وإن تاب؟
ولما للكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من إفساد في الشريعة وإبطال في الدين ذهب جمهور المحدثين إلى أن من كذب في حديث واحد فسق، وردت روايته، وبطل الاحتجاج بها, وإن تاب وحسن توبته ومن هؤلاء أحمد بن حنبل وأبو بكر الحميدي والصيرفي والسمعاني[2], وخالف في ذلك النووي فقال: والمختار القطع بصحة توبته في هذا وقبول روايته بعدها إذا صحت توبته بشروطها[3], ومذهب الجمهور أحوط للحديث وأبعد من الريبة في الرواية. [1] النحل: 105. [2] علوم الحديث لابن الصلاح 128. [3] شرح النووي على صحيح مسلم ج1 ص70.
اسم الکتاب : الوسيط في علوم ومصطلح الحديث المؤلف : أبو شهبة، محمد الجزء : 1 صفحة : 324