اسم الکتاب : الوسيط في علوم ومصطلح الحديث المؤلف : أبو شهبة، محمد الجزء : 1 صفحة : 178
وعليه أن يفرغ جهده في تحصيله, ويغتنم الحصول على أكثر قدر منه، فإن العلم بحر لا ساحل له، وعليه أن يستعين بالسهر والنصب ففي صحيح مسلم مرفوعا: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز ... ", وقال يحيى بن أبي كثير: "لا ينال العلم براحة الجسم" وقال الإمام الغزالي: "العلم إن أعطيته كلك أعطاك بعضه"[1], وعليه أن يستعين على طلبه بالخضوع له, والرغبة فيه, والتقشف والتقلل لا بإظهار الزهادة فيه والسأم منه حتى يُذَلِّله الله سبحانه وتعالى له ويسهله عليه, قال الإمام الشافعي: "لا يطلب هذا العلم من يطلبه بالتملل وغنى النفس فيفلح, ولكن من طلبه بذلة النفس وضيق العيش وخدمة العلم أفلح".
ومن آداب الحديث أن يعمل بما يعلم ويحفظ ففي الحديث "من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم", رواه أبو نعيم. وقال وكيع: "إذا أردت أن تحفظ الحديث فاعمل به", وقال الإمام أحمد بن حنبل: "ما كتبت حديثا إلا وقد عملت به حتى مر بي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وأعطى أبا طيبة دينارا فاحتجمت وأعطيت الحجام دينارا", وقد كان السلف يستعينون على حفظ الحديث بالعمل به. وكان بشر الحافي يقول: "يا أصحاب الحديث أدوا زكاة هذا الحديث, اعملوا من كل مائتي حديث بخمسة أحاديث" وعلى طالب العلم ولا سيما الحديث إذا ظفر بعلم أو وقف على مسموعات لشيخه أنه يرشد إليه إخوانه من طلبة العلم والحديث فإن كتمانه لؤم يقع فيه جهلة الطلبة, وذووا الأثرة منهم. قال ابن معين: "من بخل بالحديث وكتم على سماعه لم يفلح", وكذا قال إسحاق بن راهويه، وقال ابن المبارك: "من بخل بالعلم ابتلي بثلاث: إما أن يموت فيذهب علمه، أو ينسى، أو يتبع السلطان"2 [1] فإن أعطيته بعضك لم يعطك شيئا.
2 وعسى أن يكون في هذا عظة وذكرى لطلاب العلم الذين يحبون أن يستأثروا به دون إخوانهم.
اسم الکتاب : الوسيط في علوم ومصطلح الحديث المؤلف : أبو شهبة، محمد الجزء : 1 صفحة : 178