اسم الکتاب : المنهج المقترح لفهم المصطلح المؤلف : العوني، حاتم بن عارف الجزء : 1 صفحة : 101
ثم إن هذا التقسيم بقي عند أهل الكلام على ما هو عليه، وإن كانت أحكام أقسامه بدأت بالتأثر بأحكام أهل السنة، خلال القرن الثالث، وأوائل الرابع [1] . ولو قدر بقاء عوامل قوة علوم السنة، كما كانت عليه، لرجونا زوال
ذلك التقسيم بالكلية!!
لكن مع ظهور المذاهب الكلابية، من أشعريةٍ وما تريدية، وما كانت تكسبه بالرد على المعتزلة وغيرهم ـ مما سبق شرحه ـ من مؤهلات الاندساس في صفوف المدافعين عن السنة. مع ما انظم إلى ذل، من ضعف تلقي علوم السنة = بدأ ذلك التقسيم بالثبات والرسوخ، بعد أن أخذ مظهراً آخر، اقرب إلى مذهب المحدثين من مذهب اصحابه الحقيقيين الذين كانوا أول من ابتدعه، من جهمية ومعتزلة. ذلك القرب إلى مذهب المحدثين، ينحصر في حكم خبر الواحد، وهو الحكم المشهور: أنه يفيد الظن الموجب للعمل، ولا يحتج به في العقائد. وهذا القرب في هذه الجزئية، كان بذاته أحد عوامل ثبات ورسوخ فكرة ذلك التقسيم مع أحكام أقسامه، عبر العصور التالية للقرن الرابع الهجري.
والأعجب من ذلك كله، هو أن تلك المناظرات والمجادلات المشار إليها آنفاً، التي ابتدأت من أواخر القرن الثاني، بين أهل السنة وغيرهم من أصحاب ذلك التقسيم، حول حجية خبر الواحد = أصبحت فيما بعد حجةً من حجج صحة ذلك التقسيم عند القائلين به، معتبرين تلك المناظرات دليلاً على [1] يظهر ذل من مذهب أبي علي الجبائي (محمد بن عبد الوهاب البصري، المتوفى سنة 303هـ) أحد ائمة المعتزلة، الذي ذهب إلى قبول خبر الآحاد، إلا الحديث الفرد الذي لا يرويه إلا واحد، فهذا هو الذي يرده من أخبار الآحاد.
انظر المعتمد لأبي الحسين البصري (2 /138) ، والبرهان للجويني (1 /607) .
اسم الکتاب : المنهج المقترح لفهم المصطلح المؤلف : العوني، حاتم بن عارف الجزء : 1 صفحة : 101