اسم الکتاب : الحديث والمحدثون المؤلف : أبو زهو، محمد محمد الجزء : 1 صفحة : 378
واحد من الأحكام الشرعية؛ لأن هذه الدواوين -كما قلنا- كان يقصد منها جمع الأحاديث وحفظها على الأمة فقط، فلم تراع فيها المناسبات في ترتيب الأحاديث، وضم بعضها إلى بعض.
هذا إلى أن بعض أهل ورواته، أهملوا فقه الأحاديث، وما تدل عليه ألفاظها من المعاني والفوائد إلى مجرد الحفظ والرواية، فكان من أثر ذلك أن عجز هؤلاء عن مناهضة أهل البدع والأهواء بالحجة، وقمعهم بالبرهان. كما شاعت الأحاديث الضعيفة، بل والموضوعة فيما بين الناس، عن طريق القصاص الذين لا يميزون بين المقبول، والمردود من الأحاديث. وأوغل بعض المنتسبين إلى أهل الرأي في مخالفة السنن الثابتة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحركت هذه العوامل مجتمعة من إمام المحدثين، أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري همته العالية لجمع طائفة كبيرة من الأحاديث، التي صحت أسانيدها، وسلمت متونها من العلل مرتبة على أبواب الفقه، والسير والتفسير إلى غير ذلك.
وقوى عزمه على ذلك ما سعه من أستاذه أمير المؤمنين في الحديث، والفقه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي المعروف بابن راهويه، حيث قال لتلاميذه:
"لو جمعتم كتابا مختصرا لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم"، قال البخاري: فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع "الجامع الصحيح".
خرجه من ستمائة ألف حديث، ولم يخرج فيه إلا ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسند المتصل الذي توفر في رجاله العدالة، والضبط، ومكث في تصنيف ستة عشر عامًا، وما وضع فيه حديثا إلا غتسل قبله، وصلى ركعتين، ولما أن تم عرضه على الإمام أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني وغيرهم فاستحسنوه، وشهدوا له بالصحة إلا في أربعة أحاديث، قال العقيلي: والقول فيها قول البخاري، وهي صحيحة
اسم الکتاب : الحديث والمحدثون المؤلف : أبو زهو، محمد محمد الجزء : 1 صفحة : 378