اسم الکتاب : الحديث والمحدثون المؤلف : أبو زهو، محمد محمد الجزء : 1 صفحة : 366
فيما بعد لأهل الحديث ونقاده، فلا يخطرن ببالك أنهم كانوا فيما جمعوا كحاطب ليل. بل كانوا على علم تام بصحيحها وضعيفها وأسانيدها وعللها كيف لا وقد رحلوا في سبيلها إلى الأقطار المختلفة، وأفنوا أعمارهم في جمعها وتمحيصها حتى كانوا صيارفة الحديث بحق. وقد رأيت أن بعض أصحاب المسانيد لم يقتصر على جمع الأحاديث، من غير أن يبين حال متونها، وأسانيدها وأن بعضهم قد جمع إلى ترتيبها على أسماء الصحابة، ترتيبها على أبواب الفقه، كما في المسند الكبير لبقي بن مخلد. والمسند الكبير ليعقوب بن شيبة، فإن الأول رتب حديث كل صحابي على أبواب الفقه، والثاني ألف مسنده معللا، فجمع في كل حديث طرقه واختلاف الرواة فيه.
الطريقة الثالثة: التصنيف على الأبواب، وهو تخريج الأحاديث على أحكام الفقه، وغيرها وتنويعه أنواعا، وجمع ما ورد في كل حكم، وكل نوع في باب حيث يتميز ما يتعلق بالصلاة مثلا، عما يتعلق بالصيام، وأهل هذه الطريقة منهم من اقتصر على إيراد ما صح فقط، كالبخاري، ومسلم في صحيحيهما ومنهم من لم يقتصر على ذلك، كأبي داود، والترمذي، والنسائي.
وكان أول الراسمين لهذه الطريقة المثلى، شيخ المحدثين محمد بن إسماعيل البخاري "256"، فجمع في صحيحه "الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسننه، وأيامه": ما تبين صحته من الأحاديث مرتبة على الأبواب، واقتفى أثره في ذلك الإمام مسلم بن الحجاج القشيري "261" في صحيحه، وكان من الآخذين عن البخاري، وقد اتفق العلماء على أن كتابيهما أصح الكتب المصنفة.
اسم الکتاب : الحديث والمحدثون المؤلف : أبو زهو، محمد محمد الجزء : 1 صفحة : 366