اسم الکتاب : التخريج ودراسة الأسانيد المؤلف : العوني، حاتم بن عارف الجزء : 1 صفحة : 109
وينتبه إلى أن الحديث الذي يُعضّد هو الحديث خفيف الضعف. أما الحديث شديد الضعف فلا يرتقي ولا يُعضّد، ولو روي من مائة وجه، فهذا هو الصحيح، وكم من حديث يرويه العلماء من طرق متعددة –كابن عدي- ويقول:"هذا الحديث تهافت عليه الكذابون، فرواه فلان وفلان ... "، ويُفتضح الراوي عندهم برواية هذا الحديث، فقد يكون الراوي مستور الحال، فإذا روى هذا الحديث، قال:" هو كذّاب"، فلو كانوا يقولون بمطلق مجموع الطرق لأصبح هذا الراوي عندهم "ثقة"، بدلاً من أن يكون ضعيفاً أوكذّاباً.
وأخيراً: نرجع بالنصيحة في الاكتفاء بالحكم على الإسناد، وعدم التطرق بالحكم على الحديث بذاته، إلا إذا سُبقت من إمام مطلع، ووافق حكمي على الإسناد إطلاع ذلك الإمام، فعندها ممكن أن أحكم على الحديث.
وأخيراً أيضاً:إن هذا العلم دينٌ فانظروا عمّن تأخذون دينكم، فالقضية خطيرة، فلا يُظن أن الحكم على الراوي أمرٌ سهل وهيّن، أو أن الحكم على الأحاديث أمرٌ هيّن.
وينبغي أن يُعلم أن الجرح والتعديل في الأصل هو غيبة، ولولا ضرورة هذه الغيبة وأن مفسدتها أقلُّ من مفسدة عدم الغيبة، لما رضي العلماء بالجرح أبداً، والضرورة تُقدر بقدرها، فيجب عليّ أن لا أتجاوز موطن الضرورة، ومن المؤسف أن بعض طلبة العلم الذي قد يسمع-مثلاً- أن شريك بن عبد الله القاضي فيه ضعف، فإذا ذكره فإنه يذكره بسخرية، ولو كان حيّاً لما استطاع أن يواجهه بهذه الطريقة، مع أن شريك بن عبد الله القاضي كان عالماً من علماء السنّة، آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، وكان من أشدِّ الناس في قمع أهل البدع، وفلان من الناس قد يكون عابداً من العباد أو زاهداً من الزهاد، ضُعّف لسوء حفظه، فيجب عليك أن تنتبه لألفاظك وعباراتك مع هؤلاء. وهذا يُبيّن ضرورة مراجعة كتب التراجم المطوّلة، حتى تتبيّن حال الرواة، وتُنزّل الناس منازلهم.
اسم الکتاب : التخريج ودراسة الأسانيد المؤلف : العوني، حاتم بن عارف الجزء : 1 صفحة : 109