اسم الکتاب : تحقيق المسح على الجوربين والنعلين المؤلف : القاسمي، جمال الدين الجزء : 1 صفحة : 79
الصوامع والديار {رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم} (1) وقال رسول الله A:
(صحيح) (إن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه) (2) وعنه A:
(ضعيف الإسناد) (إن الله تعالى يحب أن تقبل رخصه كما يحب العبد مغفرة ربه) (3) وقال A:
(ضعيف) (إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته) (4) وقال A:
(هلك المتنطعون) (5)
نعم يوجد من خيار العباد ذوي الجد والاجتهاد من لا يأخذون إلا بالعزائم لا زهدا في المأثور ولا رغبة عن المرخص فيها المبرور بل تربية للنفس على الأفضل وأخذا بها إلى الأمثل والأكمل وهو ما يسميه الفقهاء بالاحتياط والخروج من الخلاف إيثارا لما يكون فيه إجماع وائتلاف وأصله ما صح في السنة أن النبي A كان يقوم الليل حتى ترم قدماه فقيل له: أتتكلف هذا
ثم قال لعواده: (فعلت ما كنت أنهى الناس عنه) فاستدلوا به على رجوعه اه. ورجوع أبي حنيفة Bهـ من فضله وإنصافه. وللمجتهدين من تغير الاجتهاد والرجوع إلى ما فيه قوة وسداد ما عرف عنهم أجمعين وعد من مناقبهم. ومن أكبر العبر - في هذه القصة - قصة رجوع الإمام أبي حنيفة - أن يرجع إمام ويصرح برجوعه ويأبى ألد الخصوم الرجوع للحق ولو تلي عليه من البراهين ما يلين له الحديد ويصدع الجلاميد ولا غرو فالأئمة المجتهدون لهم من اللطف والكمال ومحاسن الأخلاق والإنصاف والاعتراف بالحق ما سارت به الركبان
وليعتبر أيضا بالإمام الشافعي لما رحل من العراق إلى مصر وأعاد البحث في مذهبه القديم كيف رجع عن كثير من مسائله وعد ذلك من أسمى فضائله وسبب ذلك التقوى وإيثار الأخرى فإنها تزع المتقي عن إيثار الهوى والدنيا. وهكذا فعل الإمام أبو حنيفة في رجوعه إلى القول بالمسح على الجوربين
وقد يظن قوم أن التشدد في العزائم ومجافاة الرخص من التقوى وحاشا لله كيف وقد قال النبي A:
(لا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم فإن قوما شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم فتلك بقاياهم في
[79]
اسم الکتاب : تحقيق المسح على الجوربين والنعلين المؤلف : القاسمي، جمال الدين الجزء : 1 صفحة : 79