وأما أبو محمد بن حزم فإنه نادى على نفسه بعدم الاطلاع فقال في كتاب الفرائض من الإيصال: "محمد بن عيسى بن سورة مجهول" ولا يقولن قائل: لعله ما عرف الترمذي ولا اطلع على حفظه ولا على تصانيفه فإن هذا الرجل قد أطلق هذه العبارة في خلق من المشهورين من الثقات الحفاظ كأبي القاسم البغوي وإسماعيل بن محمد بن الصفار وأبي العباس الأصم وغيرهم والعجب أن الحافظ ابن الفرضي ذكره في كتابه المؤتلف والمختلفون به فيه على قدره فكيف فات ابن حزم الوقوف عليه فيه؟.
قلت: ولذلك فلا يؤخذ من أحكامه إلا ما وافق فيها الأئمة المشهورين ممن كان قبله أو على الأقل لم يخالفهم فيها.
وبهذا ينتهي الكلام على الحديثين اللذين ضعفهما ابن حزم من القسم الأول من الأحاديث الستة الصحيحة مع بيان خطئه فيهما.
والآن نتكلم على القسم الثاني منها وهو ما لم يقف عليه منها أو وقف على بعض طرقها دون بعض ويدخل في هذا كل ما عدا الحديثين المذكورين مع شيء من التفصيل فأقول:
الحديث الثاني منها صرح ابن حزم عقبه بقوله كما تقدم:
لا يدري من رواه!.
مع أنه قد رواه أكثر من عشرة من الحفاظ المشهورين في مصنفاتهم من