اسم الکتاب : أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم المؤلف : الألباني، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 80
..............................................................................
وفي الآية دليل على فرضية القيام في الصلاة على القادر عليه؛ كما يدل على ذلك
الآية التي بعدها: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} . وقد نقل العلماء إجماع الأمة على
هذا؛ سواء كان إماماً أو مأموماً.
واختلفوا في المأموم الصحيح يصلي قاعداً خلف إمام مريض لا يستطيع القيام. قال
القرطبي في تفسيره (3/218) :
" فأجازت ذلك طائفة من أهل العلم، بل جمهورهم؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الإمام:
" إذا صلى جالساً؛ فصلوا جلوساً أجمعون ". وهذا هو الصحيح في المسألة ".
وسيأتي بيان ذلك قريباً عند الكلام على الحديث الذي ذكره.
وأما القيام في النافلة؛ فقد نقل النووي في " شرح مسلم " إجماع العلماء على جواز
تركه مع القدرة عليه؛ مستدلاً بصلاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالساً في صلاة الليل - كما يأتي -.
ويدل لذلك أيضاً صلاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النافلة راكباً على الدابة دون الفريضة - كما ذكرنا
بَعْدُ، وسبق تخريجه -.
(فائدة) : قال أبو بكر الجصاص في " أحكام القرآن " عند هذه الآية: {وَقُومُوا لِلَّهِ
قَانِتِينَ} :
" تضمن إيجاب القيام فيها. ولما كان القنوت اسماً يقع على الطاعة؛ اقتضى أن
يكون جميع أفعال الصلاة طاعة، وألا يتخللها غيرها؛ لأن القنوت هو الدوام على
الشيء، فأفاد ذلك النهي عن الكلام فيها، وعن المشي، وعن الاضطجاع، وعن الأكل
والشرب، وكل فعل ليس بطاعة؛ لما تضمنه اللفظ من الأمر بالدوام على الطاعات التي
هي من أفعال الصلاة، والنهي عن قطعها بالاشتغال بغيرها؛ لما فيه من ترك القنوت
الذي هو الدوام عليها، واقتضى أيضاً الدوام على الخشوع والسكون؛ لأن اللفظ ينطوي
عليه ويقتضيه، فانتظم هذا اللفظ - مع قلة حروفه - جميع أفعال الصلاة، وأذكارها،
اسم الکتاب : أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم المؤلف : الألباني، ناصر الدين الجزء : 1 صفحة : 80