بعد ذكره لخبر الآحاد المحتف بالقرائن وأنه يفيد العلم النظري على المختار خلافاً لمن أبى ذلك ما نصه والخبر المحتف بالقرائن أنواع منها ما أخرجه الشيخان في صحيحهما مما لم يبلغ التواتر فإنه احتف به قرائن منها جلالتهما في هذا الشأن وتقدمهما في تمييز الصحيح على غيرهما وتلقي العلماء لكتابيهما بالقبول وهذا التلقي وحده أقوى في إفادة العلم من مجرد كثرة الطرق القاصرة عن التواتر إلا أن هذا مختص بما لم ينتقده أحد من الحفاظ مما في الكتابين وبما لم يقع التجاذب بين مدلوليه مما وقع في الكتابين حيث لا ترجيح لاستحالة أن يفيد المتناقضان العلم بصدقهما من غير ترجيح لأحدهما على الآخر وما عدى ذلك فالإجماع حاصل على تسليم صحته فإن قيل إنما اتفقوا على وجوب العمل به لا على صحته أي القطع بها منعناه وسند المنع أنهم متفقون على وجوب العمل بكل ما صح ولم يخرجه الشيخان فلم يبق للصحيحين في هذا مزية والإجماع حاصل على أن لهما مزية فيما يرجع إلى نفس الصحة وممن صرح بإفادة ما خرجه الشيخان العلم النظري الأستاذ أبو إسحاق الاسفرايني ومن أئمة الحديث أبو عبد الله الحميدي وأبو الفضل ابن طاهر وغيرهما ويحتمل أن يقال المزية المذكورة كون أحاديثهما أصح الحديث ومنها أي أنواع المحتف المشهور إذا كانت له طرق متباينة سالمة من ضعف الرواة والعلل وممن صرح بإفادته العلم النظري الأستاذ أبو منصور البغدادي والاستاذ أبو بكر بن فورك وغيرهما.
ومنها المسلسل بالأئمة الحفاظ المتقنين حيث لا يكون غريبا كالحديث الذي يرويه أحمد بن حنبل ويشاركه فيه غيره عن الشافعي ويشاركه فيه غيره عن مالك بن أنس فإنه يفيد العلم عند سامعه بالاستدلال من جهة جلالة رواته وأن فيهم من الصفات اللائقة الموجبة للقبول ما يقوم مقام العدد الكثير من غيرهم انظر بقية كلامه.
وممن انتصر لابن الصلاح سراج الدين البلقيني وقال ابن كثير أنا مع ابن الصلاح فيما عول عليه وأشار إليه قال السيوطي في شرح التقريب هو الذي اختاره ولا أعتقد سواه