مَا يُنَجِّي النَّاسُ. وَالْمَحَايِضُ. وَالْخَبَثُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ" قَالَ قَاسِمٌ: هَذَا أَحْسَنُ شَيْءٍ فِي بِئْرِ بُضَاعَةَ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ[1] مَا وَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي بَابِ الْمَاءِ الْكَثِيرِ لَا يُنَجَّسُ بِنَجَاسَةٍ تَحْدُثُ فِيهِ وَأَطَالَ فِيهِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ[2] عَنْ حَاتِمِ بْنِ إسْمَاعِيلَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى عَنْ أُمِّهِ[3] قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي نِسْوَةٍ، فَقَالَ: لَوْ أَنِّي أَسْقِيكُمْ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ لَكَرِهْتُمْ ذَلِكَ، وَقَدْ وَاَللَّهِ سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِيِّ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا إسْنَادٌ حَسَنٌ مَوْصُولٌ انْتَهَى. وَقَوْلُ صَاحِبِ الْكِتَابِ: إنَّ مَاءَهَا كَانَ جَارِيًا بَيْنَ الْبَسَاتِينِ هَذَا، رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ عَنْ الْوَاقِدِيِّ، فَقَالَ:: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ الثَّلْجِيِّ عَنْ الْوَاقِدِيِّ، قَالَ: كَانَتْ بِئْرُ بُضَاعَةَ طَرِيقًا لِلْمَاءِ إلَى الْبَسَاتِينِ، انْتَهَى. وَهَذَا سَنَدٌ ضَعِيفٌ. وَمُرْسَلٌ، وَمَدْلُولُهُ عَلَى جَرَيَانِهَا غَيْرُ ظَاهِرٍ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ: وَزَعَمَ الطَّحَاوِيُّ[4] أَنَّ بِئْرَ بُضَاعَةَ كَانَ مَاؤُهَا جَارِيًا لَا يَسْتَقِرُّ، وَأَنَّهَا كَانَتْ طَرِيقًا إلَى الْبَسَاتِينِ، وَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْ الْوَاقِدِيِّ، وَالْوَاقِدِيُّ لَا يُحْتَجُّ بِمَا يُسْنِدُهُ، فَضْلًا عَمَّا يُرْسِلُهُ، وَحَالُ بِئْرِ بُضَاعَةَ مَشْهُورٌ بَيْنَ أَهْلِ الْحِجَازِ، بِخِلَافِ مَا حَكَاهُ، انْتَهَى. وَقَوْلُ صَاحِبِ الْكِتَابِ: وَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ ضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُد، هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ، فَإِنَّ أَبَا دَاوُد رَوَى حَدِيثَ الْقُلَّتَيْنِ وَسَكَتَ عَنْهُ، فَهُوَ صَحِيحٌ عِنْدَهُ عَلَى عَادَتِهِ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ أَرْدَفَهُ بِكَلَامٍ دَلَّ عَلَى تَصْحِيحِهِ لَهُ، وَتَضْعِيفِهِ لِمَذْهَبِ مُخَالِفِهِ، فَقَالَ: قَالَ قُتَيْبَةُ بن سعيد: سألت: - فيم بِئْرِ بُضَاعَةَ - عَنْ عُمْقِهَا؟ فَقَالَ: أَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِيهَا الْمَاءُ إلَى الْعَانَةِ، فَإِذَا نَقَصَ كَانَ إلَى الْعَوْرَةِ، قَالَ أَبُو دَاوُد: ومددت ردائي عليهما، ثُمَّ ذَرَعْته، فَإِذَا عَرْضُهَا سِتَّةُ أَذْرُعٍ، وَسَأَلْت الَّذِي فتح باب البساتين هَلْ غُيِّرَ بِنَاؤُهَا عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ: لَا، ورأيت فيها ماءاً مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ، انْتَهَى. وَجَهِلَ من عزى حَدِيثَ بِئْرِ بُضَاعَةَ لِابْنِ مَاجَهْ.
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُوَ الْحَلَالُ أَكْلُهُ وَشُرْبُهُ وَالْوُضُوءُ مِنْهُ"، [1] ص 257. [2] ص 259. [3] كذا في الجوهر - عن أمه - قال: ولم نعرف حالها ولا اسمها بعد الكشف التام، اهـ. وأخرج الطحاوي في ص 61 من حديث حاتم أيضاً: وفيه عن أمه. والدارقطني من طريق محمد بن فضيل عن محمد بن أبي يحيى بسنده، وفيه عن أبيه. وكتب على هامشه، وفيه عن أمه وفي البيهقي عن أبيه فقط. [4] قال الطحاوي في شرح الآثار ص 2: فقال قوم: كانت طريقاً للماء إلى البساتين، فكان الماء لا يستقر فيها، فكان حكم مائها كحكم ماء الأنهار، الخ. ورد البيهقي على هذا بناءاً على فهمه أنه كان سيحاً جارياً، ويأباه كلام الطحاوي: فكان حكمها كحكم الماء الجاري إذ لو أراد سيحاً أو قناة لكان ماؤها جارياً حقيقياً لا حكماً، وكان قوله: إلى البساتين طرداً بلا فائدة،، بل الظاهر أنه أراد ما نقل ابن الهمام في الفتح ص 68 - ج 1 عن محمد أنه قال: اجتمع رأيي ورأي أبي يوسف على أن ماء البئر في حكم الماء الجاري، لأنه ينبع من أسفله، ويؤخذ من أعلاه فلا يتنجس، كحوض الحمام، اهـ. وكذا في القنية. وشرح النقاية للقارى فقوله: فكانت طريقاً للماء، أن الماء كان ينقل فيها - بالسائبة - إلى البساتين، هذا هو المراد بقول الاسماعيلي، كما في وفاء الوفا ص 131 - ج 1، وفي هذا بيان أن بئر بضاعة بئر بستان، اهـ.