قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ. وَأَصْحَابُهُ: الْقُلَّةُ مَا تقلد الْيَدُ أَيْ تَرْفَعُهُ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ[1] مِنْ جِهَةِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، سَأَلْت أَحْمَدَ بْنَ إسْحَاقَ عَنْ الْقُلَّتَيْنِ، فَقَالَ: هِيَ الْجِرَارُ الَّتِي يُسْتَقَى فِيهَا الْمَاءُ. وَالدَّوَارِيقُ، وَأَخْرَجَ عَنْ وَكِيعٍ، قَالَ: هِيَ الْجَرَّةُ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ: وَقِلَالُ هَجَرَ كَانَتْ مَشْهُورَةً عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَلِشُهْرَتِهَا عِنْدَهُمْ شَبَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأَى لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ مِنْ نَبْقِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى بِقِلَالِ هَجَرَ، فَقَالَ فِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ: رُفِعْت إلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ، وَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ قَالَ: وَاعْتِذَارُ الطَّحَاوِيِّ[2] فِي تَرْكِ الْحَدِيثِ أَصْلًا، بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مِقْدَارَ الْقُلَّتَيْنِ، لَا يَكُونُ عُذْرًا عِنْدَ مَنْ عَلِمَهُ، وَكَذَلِكَ تَرْكُ الْقَوْلِ بِبَعْضِ الْحَدِيثِ بِالْإِجْمَاعِ لَا يُوجِبُ تَرْكَهُ فِيمَا لَمْ يُجْمَعْ عَلَيْهِ، وَتَوْقِيتُهُ بِالْقُلَّتَيْنِ لِمَنْعِ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْمَاءِ الْجَارِي عَلَى أَصْلِهِ، انْتَهَى كَلَامُهُ[3].
الْحَدِيثُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ: حَدِيثُ الْمُسْتَيْقِظِ، تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْكِتَابِ، رَوَاهُ أَصْحَابُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ مَنَعَ مِنْ الْغَمْسِ فِي الْإِنَاءِ عِنْدَ التَّوَهُّمِ، فَأَوْلَى أَنْ يَمْنَعَ عِنْدَ التَّحَقُّقِ.
الْحَدِيثُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَلَا يَغْتَسِلَنَّ فِيهِ مِنْ الْجَنَابَةِ"، قُلْت: رَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظِ أَبُو دَاوُد[4]. وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَلَا يَغْتَسِلْ فِيهِ مِنْ الْجَنَابَةِ"، انْتَهَى. وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ[5] مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، بِلَفْظِ لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ، وَفِي لَفْظٍ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ، وَفِي لَفْظِ التِّرْمِذِيِّ: ثُمَّ يَتَوَضَّأُ مِنْهُ، وَرَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي السَّائِبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا يَغْتَسِلَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي [1] ص 264. [2] إشارة إلى قول الطحاوي، فإن كان الخبر على ظاهره، كما ذكرتم، فإنه ينبغي أن يكون الماء إذا بلغ ذلك المقدار لا يضره النجاسة، وإن غيرت لونه أو طعمه أو ريحه، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يذكر ذلك في الحديث، فالحديث على ظاهره، اهـ. ص 9. [3] قال أبو عمر في التمهيد: ما ذهب إليه الشافعي من حديث القلتين مذهب ضعيف من جهة النظر، غير ثابت في الأثر، لأنه حديث تكلم فيه جماعة من أهل العلم، ولأن القلتين لا يوقف على حقيقة مبلغهما في أثر ثابت ولا إجماع، وذكر ابن جرير الطبري في التهذيب معنى هذا الكلام الجوهر النقي ص 265 - ج 1، وقال ابن حزم في المحلى ص 154 - ج 1: أما الشافعي فليس حده في القلتين بأولى من حد غيره، فمن فسر القلتين بغير تفسيره، فإن قيل: إنه عليه السلام ذكر قلال هجر في حديث الإسراء؟ قلنا: نعم، وليس ذلك يوجب أنه عليه السلام متى ذكر قلة الماء، أراد قلال هجر، وليس تفسير ابن جريج بأولى من تفسير مجاهد الذي قال: هما جرتان، وتفسير الحسن كذلك: إنها أي جرة كانت. [4] في باب البول في الماء الراكد ص 11: بغير لفظ التأكيد. وابن ماجه في باب البول في الماء الراكد: ص 29 من طريق ابن عجلان، وليس فيه ولا يغتسلن فيه من الجنابة ورواه الطحاوي من طريق ابن عجلان: ص 8، ولم يذكر التوكيد. ولا الجنابة. [5] البخاري: ص 37: ومسلم: ص 138.