اسم الکتاب : جامع المسانيد والسنن المؤلف : ابن كثير الجزء : 1 صفحة : 219
عجاجة [1] الدَّابةِ خمرَّ عبد الله بن أُبي أنفَهُ بردائه، ثم قال: لا تُغبّروا [2] علينا، فسلَّم عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم وقَفَ، ونزلَ فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن، فقال له عبد الله بن أُبَي: أيُّها المرء [3] لا أحسن من هذا، إن كان ما تقول حقاً فلا تُؤْذِنا في مجلسنا، وارجع إلى رحلك، فمن جاءك منَّا فاقصص عليه، فقال عبد الله بن رواحة: اغشنا في مجالِسنَا، فإنَّا نُحِبُّ ذلك. قال: فاستبّ المسلمون، والمشركون، واليهود حتى همُّوا أن يتواثبوا، فلم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يُخفِّضُهم [4] ، ثم ركب دابتهُ، حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال: أي سعدُ ألم تسمع ما قال أبو حُباب؟ يريدُ عبد الله بن أُبَي. قال: كذا وكذا.
قال: اعْفُ عنهُ يارسول الله، واصفح، فوالله لقد أعطاك الله الذي أعطاك، ولقد اصطلح أهل هذه البُحَيْرةِ [5] أن يتوجوه [6] فيعصبونه بالعصابةِ، فلما ردَّ الله ذلك بالحق الذي أعطاكهُ شرق بِذلك [7] ، فذلك فعل به ما رأيت، فعفا عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) [8] . [1] العجاجة: واحدة العجاج وهو الغبار الذي أثارته الدابة. اللسان 2813. [2] لا تغبروا علينا: لا تثيروا الغبار علينا. [3] في هذا اللفظ من رأس المنافقين عبد الله بن أبي سوء أدب في مخاطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - كما لا يخفى. [4] يخفضهم: يسكنهم ويهون عليهم الأمر من الخفض والدعة والسكون. النهاية 1/307. [5] البحيرة: مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو تصغير البحرة، وقد جاء في رواية مكبراً، والعرب تسمي المدن والقرى البحار النهاية 1/62. [6] أي يلبسوه التاج ملكاً عليهم. [7] أي غص به، وهو كناية عما ناله من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصل به حتى كأنه شئ لم يقدر على إساغته وابتلاعه فغص به. اللسان 2247. [8] من حديث أسامة بن زيد في المسند 5/203 وأخرجه البخاري في كتاب الاستئذان باب التسليم في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين 11/38.
اسم الکتاب : جامع المسانيد والسنن المؤلف : ابن كثير الجزء : 1 صفحة : 219