اسم الکتاب : الصارم المنكي في الرد على السبكي المؤلف : ابن عبد الهادي الجزء : 1 صفحة : 307
وفي صحيح مسلم عن أبي مرثد الغنوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها)) [1] وفي المسند وصحيح أبي حاتم أنه قال: أن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذي يتخذون القبور مساجد)) [2] وقد تقدم نهيه أن يتخذ قبري عيداً.
فلما علم الصحابة أنه قد نهاهم عن أن يتخذوه مصلى لقبر التي يتقرب بها إلى الله لئلا يتشبهوا بالمشركين الذين يتخذونها ويصلون بها وينذرون لها كان نهيهم عن دعائها أعظم وأعظم، كما أنه لما نهاهم عن الصلاة عند طلوع الشمس وغروبها لئلا يتشبهوا بمن يسجد للشمس كان نهيهم ع السجود للشمس أولى وأحرى فكان الصحابة يقصدون الصلاة والدعاء والذكر في المساجد التي بنيت لله دون قبور الأنبياء والصالحين التي نهوا أن يتخذوها مساجد، وإنما هي بيوت المخلوقين وكانوا يفعلون بعد موته ما كانوا يفعلون في حياته صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً.
قال المعترض وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تجعلوا قبري عيداً)) فرواه أبو داود السجستاني، وفي سنده عبد الله بن نافع الصائغ، روى له أربعة ومسلم قال البخاري: تعرف حفظ وتنكر، وقال أحمد بن حنبل لم يكن صاحب حديث كان ضيفاً [3] فيه، ولم يكن في الحديث بذلك، وقال أبو حاتم الرازي: ليس بالحافظ هو لين تعرف حفظه وتنكر، ووثقه يحيى بن معين، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وقال ابن عدي: روى عن مالك غرائب، وهو في رواياته مستقيم الحديث، فإن لم يثبت هذا الحديث فلا كلام، وإن ثبت وهو الأقرب، فقال الشيخ زكي الدين المنذري: يحتمل أن يكون المراد به الحث على كثرة زيارة قبره صلى الله عليه وسلم، وأن لا يهمل حتى لا يزار إلا في بعض الأوقات كالعيد الذي لا يأتي في العام إلا مرتين.
وقال: ويؤيد هذا التأويل ما جاء في الحديث نفسه لا تجعلوا بيوتكم قبوراً أي لا تتركوا الصلاة في بيوتكم حتى تجعلوا كالقبور التي لا يصلي فيها.
قلت: ويحتمل أن يكون المراد لا تتخذوا له وقتاً مخصوصاً لا تكون الزيارة إلا فيه. [1] أخرجه مسلم 2 /668. [2] أخرجه أحمد 1/405 وابن حبان 8/299، وابن خزييمة 2/6 رقم 789 والطبراني في الكبير 10/232 رقم 10413. [3] في كتاب السبكي: ضعيفاً بدلاً من قوله ضيفاً، وفي التهذيب: ضعيفاً كذلك وهو الصواب.
اسم الکتاب : الصارم المنكي في الرد على السبكي المؤلف : ابن عبد الهادي الجزء : 1 صفحة : 307