اسم الکتاب : التلخيص الحبير - ط العلمية المؤلف : العسقلاني، ابن حجر الجزء : 1 صفحة : 525
قِبَلِ الْكَعْبَةِ وَقَالَ: "هَذِهِ الْقِبْلَةُ" [1] مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ[2] وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَوْلُهُ: "هَذِهِ الْقِبْلَةُ" مَعْنَاهُ أَنَّ أَمْرَهَا اسْتَقَرَّ عَلَى هَذِهِ الْبِنْيَةِ فَلَا يُنْسَخُ أَبَدًا فَصَلُّوا إلَيْهَا فهي قِبْلَتِكُمْ[3] وَقَالَ النَّوَوِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ هَذِهِ الْكَعْبَةَ هِيَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ الَّذِي أُمِرْتُمْ بِاسْتِقْبَالِهِ لَا كُلُّ الْحَرَمِ وَلَا مَكَّةُ وَلَا الْمَسْجِدُ الَّذِي حَوْلَهَا بَلْ نَفْسُهَا فَقَطْ[4] وَهُوَ احْتِمَالٌ حَسَنٌ بَدِيعٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ
= الأمة التي بعث فيها الرسول، وقامت بنصرته، وهم الأوس والخزرج يومئذ، وكانوا أخضع شيء لعلوم اليهود، بينه ابن عباس- رضي الله عنهما- حيث قال: " إنما كان هذا الحي من الأنصار، وهم أهل وثن مع هذا الحي من اليهود، وهم أهل الكتاب، فكانوا يرؤن لهم فضلاً عليهم في العلم، فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم.." الحديث، فلما أحكم الله آياته، وآمن الكثير من الأوس والخزرج، وشرذمة قليلة من اليهود، كره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- التوجه إلى ليت المقدس، لما أن اليهود كانوا يقولون يخالفنا، ويتبع قبلتنا، ولولانا لم يدر أين يستقبل؟، وكانوا يقولون مثل هذا القول للمسلمين، يقع في قلبه، ويتوقع من ربه أن يحوله إلى الكعبة، لما أن كان يكره موافقة اليهود، ويحب مخالفتهم، ولمصالح دينية كان يرجوها من استمالة العرب إلى الإسلام، اذ هي قبلة أبيهم إبراهيم وإسماعيل، وهي السبب في ظهورهم، وعزهم، ومجدهم، وفخارهم، فكانت لها المنزلة العظيمة عندهم وأذعن لها القاصي منهم والداني.
وكان- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقلب وجهه جهة السماء، طمعاً أن يكون جبرائيل نزل بذلك، حتى نزل قوله- تعالى -: {قد نَرَى تَقَلَّبَ وَجهِكَ فِي السَّمَاءِ فلنُولَّيَّكَ قِبلَةّ تَرضَاهَا فَوَلَّ وَجهَكَ شَطر المَسجد الحَرَام} [البقرة: 144] الآيات.
ومن ذلك الحين حولت القبلة إلى الكعبة، وكان ذلك في منتصف رجب من السنة الثانية من الهجرة على الصحيح، وبه جزم الجمهور. [1] لم أجد حديث أسامة بهذا اللفظ في صحيح البخاري وقد رواه مسلم "5/95" كتاب الحج، باب استحباب دخول الكعبة للحاج الحدث "1330".
وابن خزيمة في صحيحه "328" رقم "03 30" من طريق ابن جريج.
قال قلت لعطاء: أسمعت ابن عباس يقول: إنما أمرتم بالطواف ولم تؤمروا بدخوله قال لم يكن ينهى عن دخوله ولكني سمعته يقول أخبرني أسامة بن زيد أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما دخل البيت وما في نواحيه كلها ولم يصل فيه حتى خرج فلما خرج ركع في قبل البيت ركعتين وقال: "هذه القبلة" قلت له: ما نواحيها؟ أفي زواياها؟ قال: "بل في كل قبلة من البيت".
وعزاه الحافظ في الفتح "2/59" إلى الإسماعيلي وأبو نعيم في مستخرجيهما.
وقد ورد حديث ابن عباس: " لما دخل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البيت، دعا في نواحيه كلها ولم يصل حتى خرج، فلما خرج ركع ركعتين في قبل الكعبة، وقال: "هذه القبلة".
أخرجه البخاري "1/501" كتاب الصلاة: باب قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً} [البقرة: 125] ، الحديث "398"، ومسلم "2/968": كتاب الحج: باب استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره، الحديث "395/1330". [2] أخرجه البخاري في صحيحه "2/135" كتاب الصلاة، باب الأبواب والغلق للكعبة والمساجد الحديث "468" ومسلم في صحيحه "5/92- 93" كتاب الحج، باب استحباب دخول الكعبة للحاج الحديث "468". [3] نقل النووي في المجموع "3/195" عبارة الخطابي هذه. [4] المجموع "3/195".
اسم الکتاب : التلخيص الحبير - ط العلمية المؤلف : العسقلاني، ابن حجر الجزء : 1 صفحة : 525