responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نيل الأوطار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 84
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَدْ اخْتَلَفَ أَرْبَابُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ عَلَى أَقْوَالٍ سَبْعَةٍ ذَكَرَهَا النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَسَنَذْكُرُهَا هَهُنَا غَيْرُ مُقْتَصَرِينَ عَلَى الْمِقْدَارِ الَّذِي ذَكَرَهُ بَلْ نَضُمُّ إلَيْهِ حُجَجَ الْأَقْوَالِ مَعَ نِسْبَةِ بَعْضِ الْمَذَاهِبِ إلَى جَمَاعَاتٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ لَمْ يَذْكُرْهُمْ فَنَقُولُ: الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ جَمِيعُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ إلَّا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ وَالْمُتَوَلِّدَ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَيَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ ظَاهِرُ الْجِلْدِ وَبَاطِنُهُ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْأَشْيَاءِ الْيَابِسَةِ وَالْمَائِعَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَاسْتَدَلَّ عَلَى اسْتِثْنَاءِ الْخِنْزِيرِ بِقَوْلِهِ {فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145] وَجَعَلَ الضَّمِيرَ عَائِدًا إلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَقَاسَ الْكَلْبَ عَلَيْهِ بِجَامِعِ النَّجَاسَةِ، قَالَ: لِأَنَّهُ لَا جِلْدَ لَهُ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: وَرُوِيَ هَذَا الْمَذْهَبُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ. الْمَذْهَبُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُطَهَّرُ شَيْءٌ مِنْ الْجُلُودِ بِالدِّبَاغِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَائِشَةَ وَهُوَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَنَسَبَهُ فِي الْبَحْرِ إلَى أَكْثَرِ الْعِتْرَةِ، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْن حَكِيمٍ الْآتِي بِلَفْظِ: «لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ» وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَهْرٍ فَكَانَ نَاسِخًا لِسَائِرِ الْأَحَادِيثِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ قَدْ أُعِلَّ بِالِاضْطِرَابِ وَالْإِرْسَالِ كَمَا سَيَأْتِي فَلَا يَنْتَهِضُ لِنَسْخِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، وَأَيْضًا التَّارِيخُ بِشَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي مُعَلٌّ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ قَدْ خَالَفَهُ شُعْبَةُ وَهُوَ أَحْفَظُ مِنْهُ وَشَيْخُهُمَا وَاحِدٌ، وَمَعَ إعْلَالِ التَّارِيخِ يَكُونُ مُعَارِضًا لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَهِيَ أَرْجَحُ مِنْهُ بِكُلِّ حَالٍ، فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ: أَعْنِي تَطْهِيرَ. الدِّبَاغِ لِلْأَدِيمِ خَمْسَةَ عَشَرَ حَدِيثًا: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثَانِ. وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ثَلَاثَةٌ. وَعَنْ أَنَسٍ حَدِيثَانِ.
وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبَّقِ وَعَائِشَةَ وَالْمُغِيرَةَ وَأَبِي أُمَامَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَشَيْبَانَ وَثَابِتٍ وَجَابِرٍ وَأَثَرَانِ عَنْ سَوْدَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ، عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى التَّرْجِيحِ بِهَذَا؛ لِأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُكَيْمٍ عَامٌّ وَأَحَادِيثَ التَّطْهِيرِ خَاصَّةٌ فَيُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ، أَمَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَبْنِي الْعَامَّ عَلَى الْخَاصِّ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ قَوْلُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَئِمَّةِ الْأُصُولِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَجْعَلُ الْعَامَّ الْمُتَأَخِّرَ نَاسِخًا فَمَعَ كَوْنِهِ مَذْهَبًا مَرْجُوحًا لَا نُسَلِّمُ تَأَخُّرَ الْعَامِّ هُنَا لِمَا ثَبَتَ فِي أُصُولِ الْأَحْكَامِ وَالتَّجْرِيدِ، مِنْ كُتُبِ أَهْلِ الْبَيْتِ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَنْتَفِعْ مِنْ الْمَيِّتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ خَرَجْتُ فَإِذَا نَحْنُ بِسَلْخَةٍ مَطْرُوحَةٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَقَالَ: مَا كَانَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ لَوْ انْتَفَعُوا بِإِهَابِهَا؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ قَوْلُكَ بِالْأَمْسِ فَقَالَ: يُنْتَفَعُ مِنْهَا بِالشَّيْءِ» وَلَوْ سَلَّمْنَا تَأَخُّرَ ابْنِ عُكَيْمٍ لَكَانَ مَا أَسَلَفْنَا عَنْ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ مِنْ تَفْسِيرِ الْإِهَابِ بِالْجِلْدِ الَّذِي لَمْ يُدْبَغْ.
وَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الصِّحَاحِ وَرَوَاهُ صَاحِبُ الْقَامُوسِ كَمَا قَدَّمْنَا مُوجِبًا لِعَدَمِ التَّعَارُضِ إذْ لَا نِزَاعَ فِي نَجَاسَةِ إهَابِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ دِبَاغِهِ. فَالْحَقُّ أَنَّ الدِّبَاغَ مُطَهِّرٌ، وَلَمْ يُعَارِضْ أَحَادِيثَهُ مُعَارِضٌ

اسم الکتاب : نيل الأوطار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 84
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست