responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نيل الأوطار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 36
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQجَوَازِ مُبَاشَرَةِ الْمَسْبِيَّةِ قَبْلَ إسْلَامِهَا، وَتَحْلِيلِ طَعَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَنِسَائِهِمْ بِآيَةِ الْمَائِدَةِ وَهِيَ آخِرُ مَا نَزَلَ، وَإِطْعَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ لِلْوَفْدِ مِنْ الْكُفَّارِ مِنْ دُونِ غَسْلٍ لِلْآنِيَةِ، وَلَا أَمَرَ بِهِ، وَلَمْ يُنْقَلْ تَوَقِّي رُطُوبَاتِ الْكُفَّارِ عَنْ السَّلَفِ الصَّالِحِ وَلَوْ تَوَقَّوْهَا لَشَاعَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ مِنْ التَّقَشُّفِ أَنْ يَقُولَ أَشْتَرِي مِنْ سَمْنِ الْمُسْلِمِ لَا مِنْ سَمْنِ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَلْتَفِتُوا إلَى ذَلِكَ.
وَقَدْ زَعَمَ الْمُقْبِلِيُّ فِي الْمَنَارِ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِالْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى نَجَاسَةِ الْكَافِرِ وَهْمٌ؛ لِأَنَّهُ حَمْلٌ لِكَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ عَلَى اصْطِلَاحٍ حَادِثٍ وَبَيْنَ النَّجِسِ فِي اللُّغَةِ وَالنَّجِسِ فِي عُرْفِ الْمُتَشَرِّعَةِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ فَالْأَعْمَالُ السَّيِّئَةُ نَجِسَةٌ لُغَةً لَا عُرْفًا، وَالْخَمْرُ نَجِسٌ عُرْفًا وَهُوَ أَحَدُ الْأَطْيَبَيْنِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَالْعَذِرَةُ نَجِسٌ فِي الْعُرْفَيْنِ فَلَا دَلِيلَ فِي الْآيَةِ انْتَهَى.
وَلَا يَخْفَاك أَنَّ مُجَرَّدَ تَخَالُفِ اللُّغَةِ وَالِاصْطِلَاحِ فِي هَذِهِ الْأَفْرَادِ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ صِحَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ عَلَى الْمَطْلُوبِ، وَاَلَّذِي فِي كُتُبِ اللُّغَةِ أَنَّ النَّجِسَ ضِدُّ الطَّاهِرِ، قَالَ فِي الْقَامُوسِ: النَّجِسُ بِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ وَبِالتَّحْرِيكِ وَكَكَتِفٍ وَعَضُدٍ ضِدُّ الطَّاهِرِ انْتَهَى.
فَاَلَّذِي يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ فِي عَدَمِ صِحَّةِ الِاحْتِجَاجِ بِهَا هُوَ مَا عَرَّفْنَاكَ، وَحَدِيثُ الْبَابِ أَصْلٌ فِي طَهَارَةِ الْمُسْلِمِ حَيًّا وَمَيِّتًا، أَمَّا الْحَيُّ فَإِجْمَاعٌ، وَأَمَّا الْمَيِّتُ فَفِيهِ خِلَافٌ. فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَمِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ الْهَادِي وَالْقَاسِمُ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ وَأَبُو طَالِبٍ إلَى نَجَاسَتِهِ، وَذَهَبَ غَيْرُهُمْ إلَى طَهَارَتِهِ، وَاسْتَدَلَّ صَاحِبُ الْبَحْرِ لِلْأَوَّلِينَ عَلَى النَّجَاسَةِ بِنَزْحِ زَمْزَمَ مِنْ الْحَبَشِ، وَهَذَا مَعَ كَوْنِهِ مِنْ فِعْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، كَمَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْهُ، وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ وَفِعْلُهُ لَا يَنْتَهِضُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ عَلَى الْخَصْمِ مُحْتَمِلٌ أَنْ يَكُونَ لِلِاسْتِقْذَارِ لَا لِلنَّجَاسَةِ، وَمُعَارَضٌ بِحَدِيثِ الْبَابِ، وَبِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَفْسِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْبُخَارِيِّ تَعْلِيقًا بِلَفْظِ: «الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا» وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَقَدِّمِ. وَبِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ «إنَّ مَيِّتَكُمْ يَمُوتُ طَاهِرًا فَحَسْبُكُمْ أَنْ تَغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ» وَتَرْجِيحُ رَأْيِ الصَّحَابِيِّ عَلَى رِوَايَتِهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرِوَايَةِ غَيْرِهِ مِنْ الْغَرَائِبِ الَّتِي لَا يُدْرَى مَا الْحَامِلُ عَلَيْهَا.
وَفِي الْحَدِيثِ مِنْ الْفَوَائِدِ مَشْرُوعِيَّةُ الطَّهَارَةِ عِنْدَ مُلَابَسَةِ الْأُمُورِ الْعَظِيمَةِ، وَاحْتِرَامُ أَهْلِ الْفَضْلِ وَتَوْقِيرُهُمْ، وَمُصَاحَبَتُهُمْ عَلَى أَكْمَلِ الْهَيْئَاتِ، وَإِنَّمَا حَادَ حُذَيْفَةُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَانْخَنَسَ أَبُو هُرَيْرَةَ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَعْتَادُ مُمَاسَحَةَ أَصْحَابِهِ إذَا لَقِيَهُمْ وَالدُّعَاءَ لَهُمْ، هَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ، فَلَمَّا ظَنَّا أَنَّ الْجُنُبَ يَتَنَجَّسُ بِالْحَدَثِ خَشَيَا، أَنْ يُمَاسِحَهُمَا كَعَادَتِهِ فَبَادَرَا إلَى الِاغْتِسَالِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا الْحَدِيثَ فِي بَابِ طَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُتَوَضَّأِ بِهِ لِقَصْدِ تَكْمِيلِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى عَدَمِ نَجَاسَةِ الْمَاءِ الْمُتَوَضَّأِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ فَلَا وَجْهَ لِجَعْلِ الْمَاءِ نَجِسًا بِمُجَرَّدِ مُمَاسَّتِهِ لَهُ، وَسَيَأْتِي فِي هَذَا الْكِتَابِ بَابٌ مَعْقُودٌ لِعَدَمِ نَجَاسَةِ الْمُسْلِمِ بِالْمَوْتِ، وَسَيُشِيرُ الْمُصَنِّفُ إلَى هَذَا الْحَدِيثِ هُنَالِكَ.

اسم الکتاب : نيل الأوطار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 36
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست