responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نيل الأوطار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 348
385 - «وَعَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ؟ قَالَتْ: كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ) .

بَاب سُؤْرِ الْحَائِضِ وَمُؤَاكَلَتِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ الْمَجْلِسِ.
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ عَلَى الْحَائِضِ حَالَ حَيْضِهَا وَهُوَ إجْمَاعٌ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَقْلَ يَقْبَل الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ وَكَذَلِكَ الْإِيمَانَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ ذِكْرِ نُقْصَانِ عُقُولِ النِّسَاءِ لَوْمُهُنَّ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا مَدْخَلَ لِاخْتِيَارِهِنَّ فِيهِ، بَلْ الْمُرَادُ التَّحْذِيرُ مِنْ الِافْتِتَانِ بِهِنَّ، وَلَيْسَ نَقْصُ الدِّينِ مُنْحَصِرًا فِيمَا يَحْصُل بِهِ الْإِثْمُ بَلْ فِي أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ قَالَهُ فِي الْفَتْحِ، وَرَوَاهُ عَنْ النَّوَوِيِّ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ نِسْبِيٌّ، فَالْكَامِلُ مَثَلًا نَاقِصٌ عَنْ الْأَكْمَلِ، وَمِنْ ذَلِكَ الْحَائِضُ لَا تَأْثَمُ بِتَرْكِ صَلَاتِهَا زَمَنَ الْحَيْضِ لَكِنَّهَا نَاقِصَةٌ عَنْ الْمُصَلِّي.
وَهَلْ تُثَابُ عَلَى هَذَا التَّرْكِ لِكَوْنِهَا مُكَلَّفَةً بِهِ كَمَا يُثَابُ الْمَرِيضُ عَلَى النَّوَافِلِ الَّتِي كَانَ يَعْمَلُهَا فِي صِحَّتِهِ وَشُغِلَ بِالْمَرَضِ عَنْهَا؟ قَالَ النَّوَوِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تُثَابُ، وَالْفَرْقُ بَيْنهَا وَبَيْنَ الْمَرِيضِ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهَا بِنِيَّةِ الدَّوَامِ عَلَيْهَا مَعَ أَهْلِيَّتِهِ، وَالْحَائِضُ لَيْسَ كَذَلِكَ. قَالَ الْحَافِظُ: وَعِنْدِي فِي كَوْنِ هَذَا الْفَرْقِ مُسْتَلْزِمًا لِكَوْنِهَا لَا تُثَابُ وَقْفَةٌ. .

نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْحَائِضِ قَضَاءُ الصَّلَاةِ وَيَجِبُ عَلَيْهَا قَضَاءُ الصِّيَامِ. وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْخَوَارِجِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُوجِبُونَ عَلَى الْحَائِضِ قَضَاءَ الصَّلَاةِ.
وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِهِ فَأَنْكَرَتْ عَلَيْهِ أَمُّ سَلَمَةَ. قَالَ الْحَافِظُ: لَكِنْ اسْتَقَرَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ كَمَا قَالَهُ الزُّهْرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَمُسْتَنَدُ الْإِجْمَاعِ هَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ، وَلَكِنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِعَدَمِ الْأَمْرِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ قَدْ يُنَازَعُ فِيهِ لِاحْتِمَالِ الِاكْتِفَاءِ بِالدَّلِيلِ الْعَامِّ عَلَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ، وَالْأَوْلَى الِاسْتِدْلَال بِمَا عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِلَفْظِ: " فَلَمْ تَكُنْ تَقْضِي " ذَكَرَ مَعْنَاهُ فِي الْفَتْحِ، وَلَا تَتِمُّ الْمُنَازَعَةُ فِي الِاسْتِدْلَالِ بَعْدَ الْأَمْرِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ إلَّا بَعْدَ تَسْلِيمِ أَنَّ الْقَضَاءَ يَجِبُ بِدَلِيلِ الْأَدَاءِ، أَوْ وُجُودِ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ دَلَالَةً تَنْدَرِجُ تَحْتَهَا الْحَائِضُ، وَالْكُلُّ مَمْنُوعٌ.
وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ إلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ عَلَى الْحَائِضِ إلَّا بِدَلِيلٍ جَدِيدٍ. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: يَعْنِي الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ أَنَّ الصَّلَاةَ كَثِيرَةٌ مُتَكَرِّرَةٌ فَيَشُقُّ قَضَاؤُهَا، بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِي السُّنَّةِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَرُبَّمَا كَانَ الْحَيْضُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ.

اسم الکتاب : نيل الأوطار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 348
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست