responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نيل الأوطار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 302
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ قَالَا: تَغْتَسِلُ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ إلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ، ذَكَر ذَلِكَ النَّوَوِيّ. وَقَدْ ذَكَر أَبُو دَاوُد حِجَجَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ فِي سُنَنِهِ، وَجَعَلَهَا أَبْوَابًا. وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الِاغْتِسَالُ لِشَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ، وَلَا فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فِي وَقْتِ انْقِطَاعِ حَيْضِهَا.
قَالَ النَّوَوِيُّ: وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ، وَهُوَ قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ.
وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ فَلَا يَجِبُ إلَّا بِوُرُودِ الشَّرْعِ بِإِيجَابِهِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَمْ يَصِحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَمَرَهَا بِالْغُسْلِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً عِنْدَ انْقِطَاعِ حَيْضِهَا وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي» وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَقْتَضِي تَكْرَارَ الْغُسْلِ، قَالَ: وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَالْبَيْهَقِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهَا بِالْغُسْلِ فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ ثَابِتٌ.
وَقَدْ بَيَّنَ الْبَيْهَقِيُّ وَمَنْ قَبْلَهُ ضَعْفَهَا، وَإِنَّمَا صَحَّ مِنْ هَذَا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا «أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ اُسْتُحِيضَتْ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَاغْتَسِلِي ثُمَّ صَلِّي، فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» . قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّمَا أَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُصَلِّي، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ أَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ، قَالَ: وَلَا أَشُكُّ - إنْ شَاءَ اللَّهُ - أَنَّ غُسْلَهَا كَانَ تَطَوُّعًا غَيْرَ مَا أُمِرَتْ بِهِ، وَذَلِكَ وَاسِعٌ لَهَا. وَكَذَا قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُمَا، وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الِاغْتِسَالِ إلَّا لَإِدْبَارِ الْحَيْضَةِ هُوَ الْحَقُّ، لِفَقْدِ الدَّلِيلِ الصَّحِيحِ الَّذِي تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ لَا سِيَّمَا فِي مِثْلِ هَذَا التَّكْلِيفِ الشَّاقِّ فَإِنَّهُ لَا يَكَادُ يَقُومُ بِمَا دُونَهُ فِي الْمَشَقَّةِ إلَّا خُلَّصُ الْعُبَّادِ، فَكَيْفَ بِالنِّسَاءِ النَّاقِصَاتِ الْأَدْيَانِ بِصَرِيحِ الْحَدِيثِ، وَالتَّيْسِيرِ وَعَدَمِ التَّنْفِيرِ مِنْ الْمَطَالِبِ الَّتِي أَكْثَرَ الْمُخْتَارُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْإِرْشَادَ إلَيْهَا، فَالْبَرَاءَةُ الْأَصْلِيَّةُ الْمُعْتَضَدَةُ بِمِثْلِ مَا ذُكِرَ لَا يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِالِانْتِقَالِ عَنْهَا بِمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ تُوجِبُ الِانْتِقَالَ، وَجَمِيعُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا إيجَابُ الْغُسْلِ لِكُلِّ صَلَاةٍ قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ بَعْضَهَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَأَكْثَرُهَا يَأْتِي فِي أَبْوَابِ الْحَيْضِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا لَا يَخْلُو عَنْ مَقَالٍ كَمَا سَتَعْرِفُ ذَلِكَ، لَا يُقَالُ إنَّهَا تَنْتَهِضُ لِلِاسْتِدْلَالِ بِمَجْمُوعِهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا مُسَلَّمٌ لَوْ لَمْ يُوجَدْ مَا يُعَارِضُهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُعَارَضَةً بِمَا هُوَ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحِ فَلَا.
كَحَدِيثِ عَائِشَةَ الْآتِي فِي أَبْوَابِ الْحَيْضِ، فَإِنَّ فِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ بِالِاغْتِسَالِ عِنْدَ ذَهَابِ الْحَيْضَةِ» فَقَطْ، وَتَرْكُ الْبَيَانِ فِي وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ. وَقَدْ جَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِحَمْلِ أَحَادِيثِ الْغُسْلِ لِكُلِّ صَلَاةٍ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ مَنْ تَحِيضُ سِتًّا أَوْ سَبْعًا وَهُوَ جَمْعٌ حَسَنٌ.

اسم الکتاب : نيل الأوطار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 302
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست