responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نيل الأوطار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 292
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ جِهَةِ تَرْكِ عُمَرَ الْخُطْبَةَ وَاشْتِغَالِهِ بِمُعَاتَبَةِ عُثْمَانَ وَتَوْبِيخِ مِثْلِهِ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ، وَلَوْ كَانَ التَّرْكُ مُبَاحًا لَمَا فَعَلَ عُمَرُ ذَلِكَ. وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْآتِي، فَقَدْ تَقَرَّرَ ضَعْفُ دَلَالَةِ الِاقْتِرَانِ وَلَا سِيَّمَا بِجَنْبِ مِثْلِ أَحَادِيثِ الْبَابِ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْجَوَابِ عَلَى الْمُسْتَدِلِّينَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ: إنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ عَطْفُ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْوَاجِبِ لَا سِيَّمَا وَلَمْ يَقَعْ التَّصْرِيحُ بِحُكْمِ الْمَعْطُوفِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ إنْ سَلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَاجِبِ الْفَرْضُ لَمْ يَنْفَعْ دَفْعُهُ بِعَطْفِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ لِلْقَائِلِ أَنْ يَقُولَ: خَرَجَ بِدَلِيلٍ، فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ. وَأَمَّا حَدِيثُ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ فَلَيْسَ فِيهِ أَيْضًا إلَّا الِاسْتِدْلَال بِالِاقْتِرَانِ. وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا إذَا زَالَتْ الْعِلَّةُ زَالَ الْوُجُوبُ مُسْنَدِينَ ذَلِكَ بِوُجُوبِ السَّعْيِ مَعَ زَوَالِ الْعِلَّةِ الَّتِي شُرِعَ لَهَا، وَهِيَ إغَاظَةُ الْمُشْرِكِينَ، وَكَذَلِكَ وُجُوبُ الرَّمْيِ مَعَ زَوَالِ مَا شُرِعَ لَهُ، وَهُوَ ظُهُورُ الشَّيْطَانِ بِذَلِكَ الْمَكَانِ، وَكَمْ لِهَذَا مِنْ نَظَائِرَ لَوْ تُتُبِّعَتْ لَجَاءَتْ فِي رِسَالَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ، قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَأُجِيبُ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي نَفْيِ الْوُجُوبِ، وَبِأَنَّهُ سَابِقٌ عَلَى الْأَمْرِ بِهِ، وَالْإِعْلَامِ بِوُجُوبِهِ بِهِ، وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ لَك عَدَمُ انْتِهَاضِ مَا جَاءَ بِهِ الْجُمْهُورُ مِنْ الْأَدِلَّةِ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ، وَعَدَم إمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَحَادِيثِ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ أَمْكَنَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَوَامِرِ لَمْ يَكُنْ بِالنِّسْبَةِ إلَى لَفْظِ وَاجِبٌ وَحَقٌّ إلَّا بِتَعَسُّفٍ لَا يُلْجِئُ طَلَبُ الْجَمْعِ إلَى مِثْلِهِ، وَلَا يَشُكُّ مَنْ لَهُ أَدْنَى إلْمَامٍ بِهَذَا الشَّأْنِ أَنَّ أَحَادِيثَ الْوُجُوبِ أَرْجَحُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْقَاضِيَةِ بَعْدَهُمَا؛ لِأَنَّ أَوْضَحَهَا دَلَالَةً عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ سَمُرَةَ، وَهُوَ غَيْرُ سَالِمٍ مِنْ مَقَالٍ وَسَنُبَيِّنُهُ.
وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْأَحَادِيثِ فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا مُجَرَّدُ اسْتِنْبَاطَاتٍ وَاهِيَةٍ، وَقَدْ دَلَّ حَدِيثُ الْبَابِ أَيْضًا عَلَى تَعْلِيقِ الْأَمْرِ بِالْغُسْلِ بِالْمَجِيءِ إلَى الْجُمُعَةِ، وَالْمُرَادُ إرَادَةُ الْمَجِيءِ وَقَصْدُ الشُّرُوعِ فِيهِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ. اشْتِرَاطُ الِاتِّصَالِ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالرَّوَاحِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ. وَالثَّانِي: عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ لَكِنْ لَا يُجْزِي فِعْلُهُ بَعْدِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهُ إلَى الذَّهَابِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ الْغُسْلِ عَلَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بَلْ لَوْ اغْتَسَلَ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَجْزَأَ عَنْهُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ دَاوُد، وَنَصَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ، وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ، وَقَالَ: يَكَادُ يَجْزِمُ بِبُطْلَانِهِ، وَادَّعَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ مَنْ اغْتَسَلَ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَمْ يَغْتَسِلْ لِلْجُمُعَةِ، وَاسْتَدَلَّ مَالِكٌ بِحَدِيثِ الْبَابِ وَنَحْوِهِ.
وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ وَدَاوُد بِالْأَحَادِيثِ الَّتِي أُطْلِقَ فِيهَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ، لَكِنْ اسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ عَلَى عَدَمِ الِاجْتِزَاءِ بِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ بِأَنَّ الْغُسْلَ لَإِزَالَةِ الرَّوَائِحِ الْكَرِيهَةِ، وَالْمَقْصُودُ عَدَمُ تَأَذِّي الْحَاضِرِينَ، وَذَلِكَ لَا يَتَأَتَّى بَعْدَ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ. وَالظَّاهِرُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ؛ لِأَنَّ حَمْلَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي أُطْلِقَ فِيهَا الْيَوْمُ عَلَى حَدِيثِ الْبَابِ الْمُقَيَّدِ بِسَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِهِ وَاجِبٌ. وَالْمُرَادُ بِالْجُمُعَةِ اسْمُ سَبَبِ الِاجْتِمَاعِ، وَهُوَ الصَّلَاةُ لَا اسْمُ

اسم الکتاب : نيل الأوطار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 292
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست