responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نيل الأوطار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 260
»
ـــــــــــــــــــــــــــــQحَمَلَهُ عَلَيْهَا هُنَا.
وَالْمَسْأَلَةُ مُدَوَّنَةٌ فِي الْأُصُولِ، وَفِيهَا مَذَاهِبُ. وَاَلَّذِي يَتَرَجَّحُ أَنَّ الْمُشْتَرَكَ مُجْمَلٌ فِيهَا فَلَا يُعْمَلُ بِهِ حَتَّى يُبَيَّنَ، وَقَدْ وَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ حَدَثًا أَكْبَرَ أَنْ يَمَسَّ الْمُصْحَفَ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ دَاوُد. اسْتَدَلَّ الْمَانِعُونَ لِلْجُنُبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] وَهُوَ لَا يَتِمُّ إلَّا بَعْدَ جَعْلِ الضَّمِيرِ رَاجِعًا إلَى الْقُرْآنِ، وَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ إلَى الْكِتَابِ، وَهُوَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ؛ لِأَنَّهُ الْأَقْرَبُ، وَالْمُطَّهَرُونَ الْمَلَائِكَةُ، وَلَوْ سَلِمَ عَدَمُ الطَّهُورِ فَلَا أَقَلَّ مِنْ الِاحْتِمَالِ فَيَمْتَنِعُ الْعَمَلُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ، وَيَتَوَجَّهُ الرُّجُوعُ إلَى الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَلَوْ سَلِمَ رُجُوعُهُ إلَى الْقُرْآنِ عَلَى التَّعْيِينِ لَكَانَتْ دَلَالَتُهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ، وَهُوَ مَنْعُ الْجُنُبِ مِنْ مَسِّهِ غَيْرَ مُسَلَّمَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُطَّهَرَ مَنْ لَيْسَ بِنَجِسٍ، وَالْمُؤْمِنُ لَيْسَ بِنَجِسٍ دَائِمًا لِحَدِيثِ: «الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ» وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ حَمْلُ الْمُطَّهَرِ عَلَى مَنْ لَيْسَ بِجُنُبٍ أَوْ حَائِضٍ أَوْ مُحْدِثٍ أَوْ مُتَنَجِّسٍ بِنَجَاسَةٍ عَيْنِيَّةٍ، بَلْ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَنْ لَيْسَ بِمُشْرِكٍ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَلِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ السَّفَرِ بِالْقُرْآنِ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ، وَلَوْ سَلِمَ صَدَقَ اسْمُ الطَّاهِرِ عَلَى مَنْ لَيْسَ بِمُحْدِثٍ حَدَثًا أَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ، فَقَدْ عَرَفْت أَنَّ الرَّاجِحَ كَوْنُ الْمُشْتَرَكِ مُجْمَلًا فِي مَعَانِيهِ فَلَا يُعَيَّنُ حَتَّى يُبَيَّنَ.
وَقَدْ دَلَّ الدَّلِيلُ هَهُنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَيْرُهُ لِحَدِيثِ: «الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ» وَلَوْ سَلِمَ عَدَمُ وُجُودِ دَلِيلٍ يَمْنَعُ مِنْ إرَادَتِهِ، لَكَانَ تَعْيِينُهُ لِمَحَلِّ النِّزَاعِ تَرْجِيحًا بِلَا مُرَجِّحٍ، وَتَعْيِينُهُ لِجَمِيعِهَا اسْتِعْمَالًا لِلْمُشْتَرَكِ فِي جَمِيعِ مَعَانِيهِ، وَفِي الْخِلَافِ، وَلَوْ سَلِمَ رُجْحَانُ الْقَوْلِ بِجَوَازِ الِاسْتِعْمَالِ لِلْمُشْتَرَكِ فِي جَمِيعِ مَعَانِيهِ، لَمَا صَحَّ لِوُجُودِ الْمَانِعِ وَهُوَ حَدِيثُ: (الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ) وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ الْبَابِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ غَيْرُ صَالِحٍ لِلِاحْتِجَاجِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ صَحِيفَةٍ غَيْرِ مَسْمُوعَةٍ، وَفِي رِجَالِ إسْنَادِهِ خِلَافٌ شَدِيدٌ وَلَوْ سَلِمَ صَلَاحِيَّتُهُ لِلِاحْتِجَاجِ لَعَادَ الْبَحْثُ السَّابِقُ فِي لَفْظٍ طَاهِرٍ، وَقَدْ عَرَفْته. قَالَ السَّيِّدُ الْعَلَّامَةُ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْوَزِيرُ: إنَّ إطْلَاقَ اسْمِ النَّجِسِ عَلَى الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَيْسَ بِطَاهِرٍ مِنْ الْجَنَابَةِ أَوْ الْحَيْضِ أَوْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ لَا يَصِحُّ لَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا وَلَا لُغَةً، صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ وَرَدَ عَلَيْهِ، فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا فَالْمُؤْمِنُ طَاهِرٌ دَائِمَا فَلَا يَتَنَاوَلُهُ الْحَدِيثُ سَوَاءٌ كَانَ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا أَوْ مُحْدِثًا أَوْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ، فَإِنْ قُلْت: إذَا تَمَّ مَا تُرِيدُ مِنْ حَمْلِ الطَّاهِرِ عَلَى مَنْ لَيْسَ بِمُشْرِكٍ فَمَا جَوَابُك فِيمَا ثَبَتَ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ " أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَ إلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ: أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِك اللَّهُ أَجْرَك مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْت فَإِنَّ عَلَيْك إثْمُ الْأَرِيسِيِّينَ "، وَ {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ} [آل عمران: 64] إلَى قَوْلِهِ {مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64] مَعَ كَوْنِهِمْ جَامِعِينَ بَيْنَ نَجَاسَتَيْ الشِّرْكِ وَالِاجْتِنَابِ، وَوُقُوعُ اللَّمْسِ مِنْهُمْ

اسم الکتاب : نيل الأوطار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 260
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست