responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نيل الأوطار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 212
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذِهِ الرِّوَايَةُ عَلَيْهَا بِالتَّأْوِيلِ وَهُوَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ (لَمْ يَمَسَّهَا الْمَاءُ) أَيْ مَاءُ الْغَسْلِ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ.
وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى رَجُلًا لَمْ يَغْسِلْ عَقِبَهُ فَقَالَ ذَلِكَ» . قَوْلُهُ: (وَيْلٌ) جَازَ الِابْتِدَاءُ بِالنَّكِرَةِ لِأَنَّهَا دُعَاءٌ وَالْوَيْلُ: وَادٍ فِي جَهَنَّمَ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا، وَالْعَقِبُ: مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَيُكْسَرُ الْقَافُ وَيُسَكَّنُ وَخَصَّ الْعَقِبَ بِالْعَذَابِ لِأَنَّهَا الَّتِي لَمْ تُغْسَلْ أَوْ أَرَادَ صَاحِبَ الْعَقِبِ فَحُذِفَ الْمُضَافُ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ. قَالَ النَّوَوِيُّ: اخْتَلَفَ النَّاسُ عَلَى مَذَاهِبَ فَذَهَبَ جَمِيعُ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ الْفَتْوَى فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ غَسْلُ الْقَدَمَيْنِ مَعَ الْكَعْبَيْنِ وَلَا يُجْزِئُ مَسْحُهُمَا وَلَا يَجِبُ الْمَسْحُ مَعَ الْغَسْلِ، وَلَمْ يَثْبُتْ خِلَافُ هَذَا عَنْ أَحَدٍ يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْإِجْمَاعِ، قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلَافُ ذَلِكَ إلَّا عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُمْ الرُّجُوعُ عَنْ ذَلِكَ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى: أَجْمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى غَسْلِ الْقَدَمَيْنِ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَادَّعَى الطَّحَاوِيُّ وَابْنُ حَزْمٍ أَنَّ الْمَسْحَ مَنْسُوخٌ، وَقَالَتْ الْإِمَامِيَّةُ: الْوَاجِبُ مَسْحُهُمَا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَالْجُبَّائِيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: إنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ: يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ، وَاحْتَجَّ مَنْ لَمْ يُوجِبْ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ بِقِرَاءَةِ الْجَرِّ فِي قَوْلِهِ: {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6] وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: {بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6] قَالُوا: وَهِيَ قِرَاءَةٌ صَحِيحَةٌ سَبُعِيَّةٌ مُسْتَفِيضَةٌ، وَالْقَوْلُ بِالْعَطْفِ عَلَى غَسْلِ الْوُجُوهِ، وَإِنَّمَا قُرِئَ بِالْجَرِّ لِلْجِوَارِ، وَقَدْ حَكَمَ بِجَوَازِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِعْرَابِ كَسِيبَوَيْهِ وَالْأَخْفَشِ، لَا شَكَّ أَنَّهُ قَلِيلٌ نَادِرٌ مُخَالِفٌ لِلظَّاهِرِ لَا يَجُوزُ حَمْلُ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ عَلَيْهِ. قُلْنَا: أَوْجَبَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ مُدَاوَمَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَعَدَمَ ثُبُوتِ الْمَسْحِ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ وَتَوَعَّدَهُ عَلَى الْمَسْحِ بِقَوْلِهِ: «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ» وَلِأَمْرِهِ بِالْغَسْلِ كَمَا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ بِلَفْظِ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا تَوَضَّأْنَا لِلصَّلَاةِ أَنْ نَغْسِلَ أَرْجُلَنَا» وَلِثُبُوتِ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ سَلَفَ ذِكْرُ طَرَفٍ مِنْ ذَلِكَ فِي بَابِ غَسْلِ الْمُسْتَرْسَلِ مِنْ اللِّحْيَةِ.
«وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ أَنْ تَوَضَّأَ وُضُوءً غَسَلَ فِيهِ قَدَمَيْهِ فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَسْحَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْغَسْلِ نَقْصٌ.
وَبِقَوْلِهِ لِلْأَعْرَابِيِّ (تَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ) ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ صِفَةَ الْوُضُوءِ وَفِيهَا غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ. وَبِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى الْغَسْلِ فَكَانَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ مُوجِبَةٌ لِحَمْلِ تِلْكَ الْقِرَاءَةِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ النَّادِرِ، قَالُوا: أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَوْسِ بْنِ أَبِي أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ «أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

اسم الکتاب : نيل الأوطار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 212
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست