responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نيل الأوطار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 197
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُزَنِيِّ وَالْجُبَّائِيُّ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَابْنِ عُلَيَّةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُجْزِي مَسْحُ بَعْضِ الرَّأْسِ وَلَمْ يُحِدَّهُ بِحَدٍّ، قَالَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ: وَهُوَ قَوْلُ الطَّبَرِيِّ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْوَاجِبُ الرُّبُعُ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ: يُجْزِي مَسْحُ بَعْضِ الرَّأْسِ وَيَمْسَحُ الْمُقَدَّمَ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَزَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَالنَّاصِرِ وَالْبَاقِرِ وَالصَّادِقِ. وَأَجَازَ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ مَسْحَ الرَّأْسِ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ. وَاخْتَلَفَتْ الظَّاهِرِيَّةُ فَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ الِاسْتِيعَابَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَكْفِي الْبَعْضُ. احْتَجَّ الْأَوَّلُونَ بِحَدِيثِ الْبَابِ. وَحَدِيثُ «أَنَّهُ مَسَحَ بِرَأْسِهِ حَتَّى بَلَغَ الْقَذَالَ» عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْفِعْلَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ، وَفِي حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ مَقَالٌ سَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ.
قَالُوا: قَالَ اللَّه تَعَالَى {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6] وَالرَّأْسُ حَقِيقَةً اسْمٌ لِجَمِيعِهِ وَالْبَعْضُ مَجَازٌ. وَرُدَّ بِأَنَّ الْبَاءَ لِلتَّبْعِيضِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهَا لِلتَّبْعِيضِ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ سِيبَوَيْهِ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا مِنْ كِتَابِهِ. وَرُدَّ أَيْضًا بِأَنَّ الْبَاءَ تَدْخُلُ فِي الْآلَةِ، وَالْمَعْلُومُ أَنَّ الْآلَةَ لَا يُرَادُ اسْتِيعَابُهَا كَمَسَحْتُ رَأْسِي بِالْمِنْدِيلِ، فَلَمَّا دَخَلَتْ الْبَاءُ فِي الْمَمْسُوحِ كَانَ ذَلِكَ الْحُكْمُ أَعْنِي عَدَمَ الِاسْتِيعَابِ فِي الْمَمْسُوحِ أَيْضًا، قَالَهُ التَّفْتَازَانِيُّ، قَالُوا: جَعَلَهُ جَارَ اللَّهِ مُطْلَقًا، وَحُكِمَ عَلَى الْمُطْلَقِ بِأَنَّهُ مُجْمَلٌ وَبَيَّنَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالِاسْتِيعَابِ، وَبَيَانُ الْمُجْمَلِ الْوَاجِبِ وَاجِبٌ.
وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُطْلَقَ لَيْسَ بِمُجْمَلٍ لِصِدْقِهِ عَلَى الْكُلِّ وَالْبَعْضِ، فَيَكُونُ الْوَاجِبُ مُطْلَقُ الْمَسْحِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَأَيًّا مَا كَانَ وَقَعَ بِهِ الِامْتِثَالُ. وَلَوْ سَلَّمَ أَنَّهُ مُجْمَلٌ لَمْ يَتَعَيَّنْ مَسْحُ الْكُلِّ لِوُرُودِ الْبَيَانِ بِالْبَعْضِ عِنْدَ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِلَفْظِ: «إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَدْخَلَ يَدَهُ مِنْ تَحْتِ الْعِمَامَةِ، فَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ وَلَمْ يَنْقُضْ الْعِمَامَةَ» وَعِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بِلَفْظِ: «إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى الْعِمَامَةِ» قَالُوا: قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: (إنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى مَسْحِ بَعْضِ رَأْسِهِ أَلْبَتَّةَ، وَلَكِنْ كَانَ إذَا مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ أَكْمَلَ عَلَى الْعِمَامَةِ) قَالَ: وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَمَقْصُودُ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَنْقُضْ عِمَامَتَهُ حَتَّى يَسْتَوْعِبَ مَسَّ الشَّعْرِ كُلِّهِ وَلَمْ يَنْفِ التَّكْمِيلَ عَلَى الْعِمَامَةِ، وَقَدْ أَثْبَتَهُ حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ، فَسُكُوتُ أَنَسٍ عَنْهُ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفِيهِ. وَأَيْضًا قَالَ الْحَافِظُ: إنَّ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي إسْنَادِهِ نَظَرٌ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ النِّزَاعَ فِي الْوُجُوبِ وَأَحَادِيثِ التَّعْمِيمِ، وَإِنْ كَانَتْ أَصَحَّ وَفِيهَا زِيَادَةٌ وَهِيَ مَقْبُولَةٌ، لَكِنْ أَيْنَ دَلِيلُ الْوُجُوبِ؟ وَلَيْسَ إلَّا مُجَرَّدَ أَفْعَالٍ، وَرُدَّ بِأَنَّهَا وَقَعَتْ بَيَانًا لِلْمُجْمَلِ فَأَفَادَتْ الْوُجُوبَ. وَالْإِنْصَافُ أَنَّ الْآيَةَ لَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ الْمُجْمَلِ وَإِنْ زَعَمَ ذَلِكَ الزَّمَخْشَرِيّ وَابْنُ الْحَاجِبِ فِي مُخْتَصَرِهِ وَالزَّرْكَشِيُّ، وَالْحَقِيقَةُ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى مُبَاشَرَةِ آلَةِ الْفِعْلِ بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الْمَفْعُولِ كَمَا لَا يَتَوَقَّفُ فِي قَوْلِكَ: ضَرَبْتُ عَمْرًا عَلَى مُبَاشَرَةِ الضَّرْبِ لِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ، فَمَسْحُ رَأْسِهِ يُوجِدُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ بِوُجُودِ مُجَرَّدِ

اسم الکتاب : نيل الأوطار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 197
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست