responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نيل الأوطار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 181
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: «تَوَضَّأَ حَتَّى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَفِيهِ أَنَّهُ فِعْلٌ لَا يَنْتَهِضُ بِمُجَرَّدِهِ عَلَى الْوُجُوبِ.
وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ بَيَانٌ لِلْمُجْمَلِ فَيُفِيدُ الْوُجُوبَ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا إجْمَالَ لِأَنَّ إلَى حَقِيقَةٍ فِي انْتِهَاءِ الْغَايَةِ مَجَازٌ فِي مَعْنَى مَعَ. وَقَدْ حَقَّقَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ الرَّضِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِيَةِ وَغَيْرِهِ فَلْيُرْجَعْ إلَيْهِ. وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا لِذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ مُقَدِّمَةِ الْوَاجِبِ فَيَكُونُ وَاجِبًا، وَفِيهِ خِلَافٌ فِي الْأُصُولِ مَعْرُوفٌ وَسَيَعْقِدُ الْمُصَنِّفُ لِذَلِكَ بَابًا، سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (إلَى الْكَعْبَيْنِ) هُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ بَيْنَ مَفْصِلِ السَّاقِ وَالْقَدَمِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ مَا عَدَا الْإِمَامِيَّةَ وَمُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَا يَصِحُّ عَنْهُ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ هَلْ الْوَاجِبُ الْغَسْلُ أَوْ يَكْفِي الْمَسْحُ؟ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَوْلُهُ: (لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ) قَالَ النَّوَوِيُّ: الْمُرَادُ لَا يُحَدِّثُهَا بِشَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا، وَلَوْ عُرِضَ لَهُ حَدِيثٌ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَصَلَتْ لَهُ هَذِهِ الْفَضِيلَةُ، لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ، وَقَدْ غُفِرَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مَا حَدَّثَتْ بِهِ نُفُوسُهَا هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ.
قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحَكِيمِ التِّرْمِذِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ (لَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الدُّنْيَا) وَهِيَ فِي الزُّهْدِ لِابْنِ الْمُبَارَكِ وَالْمُصَنَّفِ لِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ. قَالَ الْمَازِرِيُّ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ: الْمُرَادُ بِحَدِيثِ النَّفْسِ الْمُجْتَلَبُ وَالْمُكْتَسَبُ، وَأَمَّا مَا يَقَعُ فِي الْخَاطِرِ غَالِبَا فَلَيْسَ مِنْ الْمُرَادِ. قَالَ عِيَاضٌ وَقَوْلُهُ: يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ذَلِكَ الْحَدِيثَ مِمَّا يَكْتَسِبُهُ لِإِضَافَتِهِ إلَيْهِ، قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: إنَّ حَدِيثَ النَّفْسِ عَلَى قِسْمَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: مَا يَهْجُمُ هَجْمًا يَتَعَذَّرُ دَفْعُهُ عَنْ النَّفْسِ. وَالثَّانِي: مَا تَسْتَرْسِلُ مَعَهُ النَّفْسُ، وَيُمْكِنُ قَطْعُهُ وَدَفْعُهُ فَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ الْحَدِيثُ عَلَى هَذَا النَّوْعِ الثَّانِي، فَيَخْرُجُ عَنْهُ الْأَوَّلُ لِعُسْرِ اعْتِبَارِهِ، وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ لَفْظُ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَكَسُّبًا مِنْهُ وَتَفَعُّلًا لِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى النَّوْعَيْنِ مَعًا إلَى آخِرِ كَلَامِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصِّيغَةَ مُشْعِرَةٌ بِشَيْئَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ غَيْرُ مَغْلُوبٍ بِوُرُودِ الْخَوَاطِرِ النَّفْسِيَّةِ، لِأَنَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ لَا يُقَالُ لَهُ: مُحَدِّثٌ لِانْتِفَاءِ الِاخْتِيَارِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِهِ.
ثَانِيهُمَا: أَنْ يَكُونَ مُرِيدًا لِلتَّحْدِيثِ طَالِبًا لَهُ عَلَى وَجْهِ التَّكَلُّفِ، وَمَنْ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ هُجُومًا وَبَغْتَةً لَا يُقَالُ: إنَّهُ حَدَّثَ نَفْسَهُ. قَوْلُهُ: (غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) رَتَّبَ هَذِهِ الْمَثُوبَةَ عَلَى مَجْمُوعِ الْوُضُوءِ الْمَوْصُوفِ بِتِلْكَ الصِّفَةِ. وَصَلَاةُ الرَّكْعَتَيْنِ الْمُقَيَّدَةُ بِذَلِكَ الْقَيْدِ فَلَا تَحْصُلُ إلَّا بِمَجْمُوعِهِمَا. وَظَاهِرُهُ مَغْفِرَةُ جَمِيعِ الذُّنُوبِ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالصَّغَائِرِ لِوُرُودِ مِثْلِ ذَلِكَ مُقَيَّدًا كَحَدِيثِ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إلَى رَمَضَانَ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُمَا مَا اُجْتُنِبَتْ الْكَبَائِرُ» .

اسم الکتاب : نيل الأوطار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 181
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست