responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نيل الأوطار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 120
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى كَشْفِ الْعَوْرَةِ لَاسْتَقَلَّ الْكَشْفُ بِالسَّبَبِيَّةِ وَأُطْرِحَ اعْتِبَارُ الْبَوْلِ. وَسِيَاقُ الْحَدِيث يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْبَوْلِ بِالنِّسْبَةِ إلَى عَذَابِ الْقَبْرِ خُصُوصِيَّةً، فَالْحَمْلُ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْحَدِيثُ الْمُصَرِّحُ بِهَذِهِ الْخُصُوصِيَّةِ أَوْلَى. وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «أَكْثَرُ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْ الْبَوْلِ» أَيْ بِسَبَبِ تَرْكِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ وَقَدْ صَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَسَيَأْتِي حَدِيثُ: «تَنَزَّهُوا مِنْ الْبَوْلِ فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ» قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَأَيْضًا فَإِنَّ لَفْظَةَ مِنْ لَمَّا أُضِيفَتْ إلَى الْبَوْلِ وَهِيَ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ حَقِيقَةٌ، أَوْ مَا يَرْجِعُ إلَى مَعْنَى ابْتِدَاءِ الْغَايَةِ مَجَازًا تَقْتَضِي نِسْبَةَ الِاسْتِتَارِ الَّذِي عَدَمُهُ سَبَبُ الْعَذَابِ إلَى الْبَوْلِ.
يَعْنِي أَنَّ ابْتِدَاءَ سَبَبِ عَذَابِهِ مِنْ الْبَوْلِ، وَإِذَا حَمَلْنَاهُ عَلَى كَشْفِ الْعَوْرَةِ زَالَ هَذَا الْمَعْنَى. قَوْلُهُ: (مِنْ بَوْلِهِ) هَذِهِ الرِّوَايَةُ تَرُدُّ مَذْهَبَ مَنْ حَمَلَ الْبَوْلَ عَلَى الْعُمُومِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى نَجَاسَةِ جَمِيعِ أَبْوَالِ الْحَيَوَانَاتِ، وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ الرُّخْصَةِ فِي بَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ. قَوْلُهُ: (يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ) قَالَ النَّوَوِيُّ: هِيَ نَقْلُ كَلَامِ الْغَيْرِ بِقَصْدِ الْإِضْرَارِ وَهِيَ مِنْ أَقْبَحِ الْقَبَائِحِ. وَتَعَقَّبَهُ الْكَرْمَانِيُّ فَقَالَ: هَذَا لَا يَصْلُحُ عَلَى قَاعِدَةِ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: الْكَبِيرَةُ هِيَ الْمُوجِبَةُ الْحَدَّ وَلَا حَدَّ عَلَى الْمَشْيِ بِالنَّمِيمَةِ، وَتَعَقَّبَهُ الْحَافِظُ أَنَّهُ لَيْسَ قَوْلَ جَمِيعِهِمْ لَكِنَّ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِهِ حَيْثُ حَكَى فِي تَعْرِيفِ الْكَبِيرَةِ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: هَذَا، وَالثَّانِي: مَا فِيهِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ قَالَ: وَهُمْ إلَى الْأَوَّلِ أَمِيلُ، وَالثَّانِي: أَوْفَقُ لِمَا ذَكَرُوهُ عِنْدَ تَفْصِيلِ الْكَبَائِرِ انْتَهَى.
وَلِلْبَحْثِ فِي ذَلِكَ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا الْمَوْضِعِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَالَ: بَلَى) أَيْ وَإِنَّهُ لَكَبِيرٌ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدَةَ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الْأَعْمَشِ وَلَمْ يُخَرِّجْهَا مُسْلِمٌ. وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تَرُدُّ مَا قَالَهُ ابْنُ بَطَّالٍ مِنْ أَنَّ الْحَدِيثَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّعْذِيبَ لَا يَخْتَصُّ بِالْكَبَائِرِ بَلْ قَدْ يَقَعُ عَلَى الصَّغَائِرِ، وَقَدْ وَرَدَ مِثْلُهَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ بَعْدُ.
قَوْلُهُ: (وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ) فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ كَبِيرٍ فَأَوْحَى إلَيْهِ فِي الْحَالِ بِأَنَّهُ كَبِيرٌ فَاسْتَدْرَكَ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ نَسْخًا وَالنَّسْخُ لَا يَدْخُلُ الْخَبَرَ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْخَبَرَ بِالْحُكْمِ يَجُوزُ نَسْخُهُ وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ، وَأَنَّهُ يَعُودُ عَلَى الْعَذَابِ لِمَا وَرَدَ فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «يُعَذَّبَانِ عَذَابًا شَدِيدًا فِي ذَنْبٍ هَيِّنٍ» وَقِيلَ: الضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى أَحَدِ الذَّنْبَيْنِ وَهِيَ النَّمِيمَةُ، لِأَنَّهَا مِنْ الْكَبَائِرِ بِخِلَافِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ، وَهَذَا مَعَ ضَعْفِهِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ الِاسْتِتَارَ الْمَنْفِيَّ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ كَشْفَ الْعَوْرَةِ كَمَا سَلَفَ.
وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: إنَّ الْكَبِيرَ الْمَنْفِيَّ بِمَعْنًى أَكْبَرَ وَالْمُثْبَتُ وَاحِدُ الْكَبَائِرِ أَيْ لَيْسَ ذَلِكَ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ كَالْقَتْلِ مَثَلًا وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا فِي الْجُمْلَةِ وَقِيلَ: الْمَعْنَى: لَيْسَ بِكَبِيرٍ فِي الصُّورَةِ لِأَنَّ تَعَاطِيَ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى الدَّنَاءَةِ وَالْحَقَارَةِ وَهُوَ كَبِيرٌ فِي الذَّنْبِ. وَقِيلَ لَيْسَ بِكَبِيرٍ فِي اعْتِقَادِهِمَا أَوْ فِي اعْتِقَادِ

اسم الکتاب : نيل الأوطار المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 120
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست